للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بئس الزاد إلى المعاد ظلم العباد. وقيل: الظلم مرتعه «١» وخيم وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: الظلم ظلمات يوم القيامة. ويقال: ليس شيء أقرب من تعيير نعمة وتعجيل نقمة من الإقامة على الظلم، وقيل: في قول الله تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ

«٢» وعيد للظالم وتعزية للمظلوم.

وقيل: على الظالم أن يكون وجلا «٣» وعلى المظلوم أن يكون جذلا «٤» . كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إلى عامل له: إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فاذكر قدرة الله عليك. ودخل رجل على سليمان بن عبد الملك فقال: اذكر يا أمير المؤمنين يوم الأذان. فقال: وما يوم الأذان؟ قال: اليوم الذي قال الله تعالى فيه: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ

«٥» فبكى سليمان وأزال ظلامته. وكان حفص بن عتاب «٦» لقيه الرشيد فأقبل عليه يسائله فقال في أثناء ذلك:

نامت عيونك والمظلوم منتبه ... يدعو عليك وعين الله لم تنم «٧»

وقال عبد الله بن أبي لبابة: من طلب عزا بباطل أورثه الله ذلا بإنصاف وحقّ.

[التحذير من دعوة المظلوم]

قال النبي صلّى الله عليه وسلم: اتقوا دعوة المظلوم فإنها مجابة. وقال بعضهم: دعوتان أرجو إحداهما وأخاف الآخرى دعوة مظلوم أعنته وضعيف ظلمته. وقيل: احذروا دعوة المظلوم فإنها لينة الحجاب. وقال صلّى الله عليه وسلم اللهم إني أعوذ بك من أن أظلم أو أظلم.

سرعة معاقبة الظّالم

قال الله تعالى: مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ

«٨» وروي عن أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه أنه قال: ما أحسنت إلى أحد قط ولا أسأت إليه. فرفع الناس رؤسهم تعجبا فقرأ:

إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها

«٩» .

سمع ابن عباس رضي الله عنهما كعب الأحبار يقول: من ظلم خرب بيته. فقال تصديقه في القرآن فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا، وقيل: الظلم أدعى شيء إلى تغيير نعمة وتعجيل نقمة وقال صالح المريّ: دخلت إلى دار المادراي فاستفتحت ثلاث آيات من كتاب الله تعالى إستخرجتها حين تذكرت الحال فيها قوله تعالى: فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا

«١٠» وقوله تعالى: وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ

«١١» وقوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>