للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢) مدح الحلم وكظم الغيظ وفضل الرحمة والعفو والاستعفاء والاعتذار]

حدّ الحلم

قيل: الحلم تجرع الغيظ. وقيل: الحلم دعامة العقل وقال الأفوه الأودي: الحلم محجزة عن الغيظ. وقيل: ليس الحليم من ظلم فحلم حتى إذا قدر انتصر ولكن الحليم من ظلم فحلم فإذا قدر غفر.

وقالت الفلاسفة: الحلم فضيلة النفس يكسبها الطمأنينة لا يحرّكها الغضب بسهولة وسرعة. سأل عليّ رضي الله عنه فقال: الحلم والأناة. توأمان ينتجهما علو الهمة.

وقيل لعمر بن الاهتم: من أشجع الناس؟ قال: من رد جهله حلمه. وقال سفيان:

ما تقلد امرؤ قلادة أحسن من حلم فهو محمود عاجله وآجله ورأى حكيم من ملك ترفأ، فقال: ليس التاج الذي يفتخر به علماء الملوك فضة ولا ذهبا لكنه الوقار المكلّل بجواهر الحلم. وأحمق الملوك بالبسطة عند ظهور السقطة من اتسّعت قدرته.

قال شاعر:

لن يدرك المجد أقوام ذوو كرم ... حتّى يذلّوا وإن عزوّا لأقوام

ويشتموا فترى الألوان مسفرة ... لا خوف ذلّ ولكن فضل أحلام «١»

[الآخذ نفسه بالحلم من الملوك]

دفع أزدشير بن بابك ثلاثة كتب إلى رجل يقوم على رأسه وقال له: إذا رأيتني قد غضبت فادفع إليّ الأول، فإن لم أندم فالثاني ثم الثالث وكان في الأول أمسك فلست بإله، وإنما أنت جسد يوشك أن يأكل بعضه بعضا. وفي الثاني إرحم عباد الله يرحمك الله. وفي الثالث احمل عباد الله على حقه.

الحثّ على تكلّف الحلم واستعماله

قيل: إذا لم تحلم فتحالم فقلّ من تشبّه بقوم إلّا كان منهم. قال:

تحلّم عن الأدنين واستبق ودّهم ... فلن تستطيع الحلم حتى تحلما

<<  <  ج: ص:  >  >>