للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إن قدمت هواك على عقلك لم تصب رشدا في حياتك، ولا أمنا بعد وفاتك. وأنشد:

إنّ الهوان هو الهوى جزم اسمه ... فإذا ألقيت هوى لقيت هوانا «١»

[حمد مخالفته]

قال الله تعالى: وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى

«٢» .

وبعث ملك إلى عابد مالك لا تخدمني وأنت عبدي. فقال: لو اعتبرت لعلمت أنك عبد عبدي. قال: كيف؟ قال: لأنك تتبع الهوى فأنت عبده وأنا أملكه فهو عبدي. فقال: صدقت.

وقيل: سلطان من ملك الهوى فوق سلطان من ملك الدنيا.

ذمّ من يجهل نفسه

قال أبو علي الورّاق: آفة الناس قلّة معرفتهم بقدر أنفسهم.

قيل لبزرجمهر: أيّ العيوب أعظم؟

قال: قلّة معرفة المرء بنفسه.

وقال المتنبّي:

ومن جهلت نفسه قدره ... رأى غيره منه ما لا يرى

وقال سقراط: لا شيء أضرّ بالإنسان من رضاه عن نفسه، فإنه إذا رضي عنها اكتفى باليسير فعابه كل خطير.

[مدح من يعرفها]

قال أمير المؤمنين عليّ كرم الله وجهه: لن يهلك امرؤ عرف قدره. وقيل: أجمع كلمة قول الحكيم: أفضل العقل معرفة المرء بنفسه.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من أراد الله به خيرا فقّهه في الدين وعرّفه عيوب نفسه.

وقيل في قوله تعالى: وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا

«٣» : معناه عرّفناهم عيوب أنفسهم.

[وقوف المرء على عيب نفسه]

قيل: لحكيم ما أصعب الأشياء؟ قال: معرفة الإنسان عيب نفسه، والإمساك عن الكلام في ما لا يعنيه.

وقيل: قد يعرف نقص غيره من لا يعرف نقص نفسه، ولا يعرف نقص نفسه من لا

<<  <  ج: ص:  >  >>