للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم أهرب على ثقة وعلم ... بأنّي إن رميت أفوت نبلك

ولكنّي هربت على يقين ... بأنك معمل في الحكم فضلك

المتوصّل إلى العفو بمغالظة القول

أتى مخرق بنساء، فطلبن أن يعفو عنهن فأبى، فقالت امرأة منهنّ: أطال الله سهادك وأخمد رمادك فما قتلت إلا نساء أعلاهن ندى وأسفلهن دما، ما أدركت من قتلنا ثارا ولا محوت عن نفسك به عارا. فأمر بتخلية سبيلهن غيرها، وقال: إنّي لأخشى أن تلد مثلها.

وأتى الحجاج بأسارى «١» فقال أحدهم: لا جزاك الله عن السنة خيرا، قال: كيف؟ قال: إنّ الله تعالى يقول: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ

«٢» فإمّا منا بعد وإمّا فداء، فلا مننت ولا فاديت، فقال الحجاج: خلّوا سبيلهم. وقالت امرأة في جملة أسري: قبّحك الله فلئن أسأنا في الذنب فما أحسنت في العفو. فقال: أف لهذه الجيف أما كان فيهم من يقول مثل هذا. وأمر بتخلية من بقي منهم.

المتوصّل إلى العفو بتذكّر الله ومناشدته

غضب رجل على مولاه فقال: أسألك بالله إن علمت أني لأطوع لك منك لله فاعف عنّي، عفا الله عنك، فعفا عنه.

وقال رجل لأمير غضب عليه: أسألك بالذي أنت أذلّ بين يديه غدا منّي بين يديك إلا ما عفوت عنّي، فعفا عنه. وقال آخر لأمير يضربه: اضرب بقدر ما تعلم أنك تجشّمه «٣» عند القصاص يوم الجزاء «٤» ، فعفا عنه.

[من استعفى واستوهب جميعا]

جنى غلام للحسن بن علي رضي الله عنهما فأمر بعقابه فقال: يا مولاي إن الله تعالى قد مدح قوما فكن منهم، فإنه يقول: وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ

«٥» فقال: خلوا سبيله قال وقد قال: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ

«٦» قال: أنت حر لوجه الله ولك من المال كذا.

واستعفى رجل من مصعب بن الزبير فعفا عنه فقال: اجعل ما وهبت لي من حياتي في خفض، فأعطاه مائة ألف، فقال الرجل: إنّي قد جعلت نصفها لابن قيس الرقيّات لقوله:

إنّما مصعب شهاب من الله تجلّت عن وجهه الظّلماء

<<  <  ج: ص:  >  >>