للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الذنب إلا بإقلاع عنه. وكتب كاتب: إن تركت الأعتذار فلما قال الشاعر:

إذا لم يكن للعذر وجه مبين ... فإن اطراح العذر خير من العذر «١»

وقيل للمطيع «٢» وقد بلغ المهتدي «٣» عنه شيء أنكره: إن كان ما بلغك حقا فما تغني المعاذير وإن كان كذبا فما تضرّ الأباطيل.

الممتنع من العذر عن حقّ أورده

سأل الحجاج أعرابيا عن أخيه محمد بن يوسف: كيف تركته؟ فقال: تركته سمينا عظيما. قال: إنما سألت عن سيرته، قال: ظلوما غشوما. قال: أما علمت أنه أخي؟ قال:

نعم ما هو بك أعزّ منّي بالله فأمر بضربه، فقيل له: اعتذر إليه. فقال: معاذ الله أن أعتذر من حق أوردته.

وخطب الحجاج يوما فأطال، فقام رجل فقال: الصلاة والوقت لا ينتظرك والرب لا يعذرك فأمر بحبسه فأتاه قومه وزعموا أنه مجنون فإن رأى أن يخلي سبيله فقال: إن أقر بالجنون خلّيته. فقيل له ذلك فقال: معاذ الله لا أزعم أن الله ابتلاني وقد عافاني. فبلغ ذلك الحجّاج فعفا عنه لصدقه.

ودخل رجل على سلطان وكان قد أذنب فقال: بأي وجه تلقاني؟ فقال: بالوجه الذي ألقى به الله، فإن ذنوبي إليه أكثر وعقوبته أكبر. فعفا عنه ووصله.

تأسّف من يعاتب من غير ذنب

قال شاعر:

قد يلام البريء من غير ذنب ... وتغطّى من المسيء الذّنوب

وقال آخر:

إذا كنت ملحيا مسيئا ومحسنا ... فغشيان ما تهوى من الأمر أكيس «٤»

وقال البحتري:

إذا محاسني اللاتي أدلّ بها ... كانت ذنوبي فقل لي كيف أعتذر!

وفي المثل: ربّ ملوم لا ذنب له. قال شاعر:

وكم من موقف حسن أحيلت ... محاسنه فعدّ من الذّنوب

<<  <  ج: ص:  >  >>