للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الأسد وقال قاتلني فقال الأسد لست بكفؤى ومتى قتلتك لم يكن لي فخر وإن قتلتني لحقني وصم «١» عظيم. فقال لأخبرنّ السباع بنكولك «٢» فقال الأسد: احتمال العارفي ذلك أيسر من التلطخ بدمك، وفي عذر من يخاصم دنيئا ويدافعه قول المتنبي:

إذا أتت الإساءة من وضيع ... ولم ألم المسيء فمن ألوم؟

الحثّ على العداوة بالفعل لا القول

قيل: غضب الجاهل في قوله وغضب العاقل في فعله. وولي أبو مسلم رجلا ناحية فقال له: إياك وغضبة السفلة فإنها في ألسنتها وعليك بغضبة الأشراف فإنها تظهر في أفعالها.

الحثّ على إماتة الحقد

أرسطوطاليس «٣» استعدّ لإهماد «٤» لهب العداوة بالاناة قبل تلّهب ناره فإن إطفاءه قبل انتشاره سهل يسير، وقيل: ما أحسن بالرجل أن يحسن مداراة عدوه حتى يطفىء سورة «٥» ناره وقال بعض أصحاب المأمون يوما إن عجيف بن عنبسة خبيث النية رديء السريرة «٦» ، وأراك قد قربت مجلسه. فقال: والله لأحسنن إليه ولا تفضلن عليه حتى أكون أحب الناس إليه. فلم يزل يختصه حتى صار يبذل دونه مهجته.

[مدح الحقد وذويه]

وصف أعرابي حقودا فقال: يحقد حقد من لا ينحلّ عقده ولا يلين كيده، وقال يحيى لعبد الملك ابن صالح: إنك حقود فقال: إن كان الحقد عندك بقاء الخير والشر إنهما عندي لثابتان، فلما قام قال يحيى ما رأيت من احتج للحقد حتى حسنه سواه وقيل لرجل: أنك لحقود، فقال:

وإن امرأ لم يحقد الوتر لم يكن ... لديه لذي النعماء جزاء ولا شكر

قال ابن الرومي:

وما الحقد إلا توأم الشكر في الفتى ... وبعض السجايا ينتسبن إلى بعض

إذا الأرض أدّت ريع ما أنت زارع ... من البذر فيها فهي ناهيك من أرض

<<  <  ج: ص:  >  >>