للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول؟ قالوا نعم قال: فأنا أحق أن أعجب به محمد بن عمران، يقولون ذو كبر ولو خص بعضهم، ببعض خصالي ما استفاق من الكبر، قيل لخالد بن يزيد بن معاوية: لم تطعم الأرض من فضل ثيابك؟ فقال: أكره أن أكون كما قال علي بن عبد العزيز:

قصير الثياب فاحش عند بيته ... وشرّ قريش في قريش مركبا

وقال يمنّي ليزيد بن مزيد وعليه برد «١» يمنى يسحبه لم يعرق جبينك في نسجه فلذلك تسرف في بذله، فقال: عليكم نسجه وعلينا سحبه.

وقال رجل للحسن: ما أعظمك في نفسك فقال: لست بعظيم ولكن عزيز من قول الله تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ

«٢» البديهي في معناه:

وما أنا مزهر ولكنّني فتى ... أبت لي نفس عزة أن أزيلها

الممتنع من التذلّل لكبير ومتكبّر عليه

قال عدي بن أرطاة وهو أمير لوكيع بن أبي الأسود: سوّ عليّ ثيابي فقال: ذكرتني الظعن «٣» وكنت ناسيا، في خفي ضيق فليمده الأمير حتى أنزعه. فقال له عديّ إن الجليس ليلقى من جليسه أكثر من هذا. فقال: يا عدي إذا عزلت عنا فكلفنا أكثر من هذا أما وأنت ترى لك علينا بسطة فلا الموسوى يذكر والده وامتناعه من تقبيل يد بعض السلاطين:

فتى تاه عن بسط الملوك وقد عنت ... عليها جباه من رجال وآنف «٤»

زمام علا لو غيره رام جرّه ... لساق به حاد من الذّل معنف «٥»

متكبّر على ذي كبر

سئل الحسن عن التواضع فقال: هو التكبر على الأغنياء. وأتى سليمان بن عبد الملك طاووسا فلم يكلمه، فقيل له في ذلك فقال: أردت أن يعلم أن في عباد الله من يستصغر ما يستعظم ذلك من نفسه. أنشد المبّرد:

إذا تاه الصديق عليك كبرا ... فته كبرا على ذاك الصّديق

فإيجاب الحقوق لغير راع ... حقوقك رأس تضييع الحقوق «٦»

وعلى هذا قال بعضهم: ما تكبر عليّ أحد قط إلا تحول داؤه في أن قابلته بفعله.

وقال بعضهم: ما تاه أحد عليّ أكثر من مرة واحدة لأني تركته بعد ذلك وأعرضت عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>