للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا. فقال: إذا لا تمدحه فلا علم لك به لعلك رأيته يرفع رأسه ويخفضه في المسجد «١» .

[عتب من يمدح نفسه]

قيل: خطب معاوية خطبة حسنة فقال: هل من خلل فقال رجل: من عرض الناس خلل كخلل المنخل فاستدعاه، وقال: ما ذاك الخلل فقال: إعجابك به ومدحك له. وقيل لحكيم: ما الذي لا يحسن وإن كان حقا قال مدح الرجل نفسه.

وقال معاوية لرجل: من سيد قومك فقال: أنا، فقال له: لو كنت كذلك لم تقله.

وسئل الشاعر الأهوازي كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت والله أظرف الناس وأشعر الناس وآدب الناس، فقال السائل: اسكت حتى يقول الناس ذلك، فقال: أنا منذ ثلاثين سنة انتظر الناس وليسوا يقولون ومدح أعرابي نفسه فعوتب في ذلك، فقال: أكله إليكم إذا لا تقولون أبدا.

[الرخصة في ذلك]

قال النبي صلّى الله عليه وسلم: أنا سيد العرب ولا فخر. وحكى الله تعالى عن يوسف الصديق عليه السلام أنه قال: إني حفيظ عليم ولم يستقبح ذلك من الشعراء، إذ قالوه نظما.

عذر من يحوج إلى مدح نفسه ومن عرّض بذلك

قد أحسن ابن الرومي في ذلك حيث يقول:

وعزيز عليّ مدحي لنفسي ... غير أني جشّمته للدّلاله «٢»

وهو عيب يكاد يسقط فيه ... كلّ حرّ يريد يظهر حاله

ووصف للمنصور مشير بن ذكوان فأمر بإشخاصه إليه، فلما دخل قال له: أعالم أنت؟ فقال: أكره أن أقول نعم وفيه ما فيه أو أقول لا فأكون جاهلا، فأعجب المنصور بجوابه وألزمه المهدي. وسأل المأمون عبد الله بن طاهر عن ابنه، فقال ابني: إن مدحته ذممته وإن ذممته ظلمته إلا أنه نعم الخلف لسيده من عبده إذا اخترمته منيته.

[من عجز الشعراء عن استيعاب مدحه]

قال المالكي:

جهدت ولم أبلغ مداك بمدحة ... وليس مع التقصير عندي سوى العذر

وفي شعر آخر:

وليس على من كان مجتهدا عتب

<<  <  ج: ص:  >  >>