للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو نواس لما مات جعفر بن يحيى. لا يكون في الدنيا أكرم منه هجوته وقلت فيه:

فلست وإن أطنبت في مدح جعفر ... بأوّل إنسان خرى في ثيابه

فأمر لي بعشرة آلاف درهم وقال اغسل بهذا ثيابك التي خريت فيها.

قال الموسوي:

مدحتهم فاستقبح المدح فيهم ... ألا ربّ عنق لا يليق به العقد

من لا يستحقّ الهجو لخسّته ودناءته

قال أبو مسلم لأصحابه: أي الإعراض أدنأ، فقال بعضهم: عرض بخيل. فقال: رب بخيل لم يكلم عرضه أدنأ الأعراض عرض لم يرتع فيه حمد ولا ذم. وقيل للفرزدق:

وضعت كل قبيلة إلا تيما فقال: لم أجد حسبا فأضعه ولا بناء فأهدمه. وقال ابن مناذر لرجل: مالك أصل فأحقره ولا فرع فأهصره. وقال رجل للنمري: اهجني. قال: إنما يهجو مثلك مثلك، وقال:

إنّي لأكرم نفسي أن أكلّفها ... هجاء جرم وما يهجوهم أحد

ماذا يقول لهم من كان هاجيهم ... لا يبلغ النّاس ما فيهم وإن جهدوا

قال مسلم:

أمّا الهجاء فدقّ عرضك دونه ... والمدح فيك كما علمت جليل

فاذهب فأنت طليق جدّك إنه ... جدّ عززت به وأنت ذليل «١»

وقال المتنبّي:

فلو كنت امرأ يهجي هجونا ... ولكن ضاق فتر عن مسير «٢»

أخذه من قول الراعي:

لو كنت من أحد يهجى هجوتكم ... يا ابن الرّقاع ولكن لست من أحد

من لا يهتزّ لمدح ولا يغتمّ لهجو

قال رجل لحكيم: لا أبالي مدحت أم هجيت، فقال: استرحت من حيث تعب الكرام. وقيل: من لا يبالي سخط الكرام وشكية الأحرار فطوقه سوءة الحمار. وقيل: ليعد ميتا من لم يهتز لمدح ولا يرتمض من ذم.

قال ابن الرومي:

فما يرتاح للمدح ... ولا يرتاح للذّم

<<  <  ج: ص:  >  >>