للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣) وممّا جاء في الغيبة والنّميمة

[حقيقة الغيبة]

قال محمد بن عبيدة: الغيبة أن تغتابه إذا أقلع لا أن تغتابه وهو مقيم على فسقه، ولذلك قال النبي صلّى الله عليه وسلم: ليس للفاسق غيبة. وقال عليه الصلاة والسلام: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فقد بهته. وقيل: ما قلته في وجه الرجل ثم تقوله من ورائه فليس بغيبة. وقال بعض الفقهاء: الغيبة أن تذكر الإنسان بما فيه من العيب من غير أن تحوج إليه، وفي ذلك احتراز مما يقول الشاهد عند الحاكم.

ذمّ الغيبة والنميمة وفضل تركهما

قال الله تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ

«١» فما رضي بأن جعله آكلا لحم أخيه حتى جعله ميتا. وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: الغيبة أشدّ من الزنا لأن الله تعالى يتوب على الزاني ولا يغفر الغيبة إلا بتحليل صاحبها. وقال علي بن الحسين رضي الله عنهما إياك والغيبة فإنها أدم كلاب النار.

وقال قتيبة لرجل يغتاب آخر: لقد تلمظت بمضغة طالما لفظها الكرام، الغيبة مرعى اللئام وجهد العاجز. وقال المأمون: حسبك من السعاية أن ليس في الدنيا صدق مذموم غيرها.

وقال تعالى: هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ

«٢» ، وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قتات «٣» ، وقال: النميمة تفطر الصائم وتنقض الوضوء، وقال: من قلّ ماله وكثر عياله وحسنت صلاته ولم يغتب المسلمين كان معي يوم القيامة كهاتين. وقال: عذاب القبر من ثلاثة من الغيبة والنميمة والبول. وقيل: الساعي غاش وإن قال: قول المتنصح. وقال ابن أكثم: القول بالمحاسن في المغيب فريضة على كل ذي نعمة. وقال المأمون لابنه العباس: قلّم أظفارك من جليسك فأخس الناس من دمّى جليسه بظفره، قال ولله در القائل:

لا أخدش الخدش بالجليس ولا ... يخشى جليسي إذا انتشبت يدي «٤»

من امتنع أن يجعل مغتابه في حلّ

قال رجل لابن سيرين: قد نلت منك فاجعلني في حلّ، فقال لا أحل ما حرم الله

<<  <  ج: ص:  >  >>