للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[استرداد ظروف الهدايا وتركها]

قال الغنوي: استديموا الهدايا برد الظروف، وقال إسحاق بن إبراهيم: كنت مع الرشيد بالكوفة في شهر رمضان، فقال لموسى بن عيسى: يا أبا عيسى. حلواؤنا عليك، وكان يوجه إليه كل ليلة عشر صحاف. فلما كان بعد عشر ليال قطعها، فقال له الرشيد أصغوت فقطعت الحلواء، فقال: ما قطعها غيرك إن أنصفت. قال: كيف؟ قال: إن من يأخذها منا لا يريد صحفة ولا منديلا ولا طبقا، قال: بئس ما عمل إن الهدايا تستدام برد الظروف فإذا صرت المتقاضي وأنت القاضي فلا تحتشم أحدا في استرداد الظروف.

للصاحب وقد أهدى دنانير على طبق فضة فكتب بأبيات فيها:

والظرف يوجب أخذه مع ظرفه

[الاعتذار من إهداء شيء طفيف]

كتب بعضهم: سهل لي سبيل الملاطفة فأهديت هدية من لا يحتشم إلى من لا يستغنم. كتب أحمد بن يوسف: للهدية معنيان كلاهما يوجب القبول، وإن قل. وقيل: إن كان لك عند المهدي يد فلا تستقصر بمزيدك وإن كان مبتدئا، فالتفضل لا يستقل الهدية.

أظرفها أخفها وأقلها أنبلها. وكتب آخر قدمت المعذرة في إهداء ما اتسعت به المقدرة.

وروي أن سليمان عليه الصلاة والسلام مرّ بعش قنبرة فأمر الريح أن تتجنب عشها الذي فيه فراخها. فجاءت القنبرة لما نزل سليمان فرفرفت على رأسه وألقت جرادة هدية له لما فعل، فقال سليمان: هي مقبولة فكل يهدي على قدر وسعه. ومما يروى لأبي يوسف القاضي:

علينا بأن نهدي إلى من نحبّه ... وإن لم يكن في وسعنا ما يشاكله «١»

ألم ترنا نهدي إلى الله ماله ... وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله

وقال دعبل:

هذي هدية عبد أنت ملبسه ... ثوب الغنى فاقبل الميسور من خدمك

وقال الخبزارزي:

تفضّل بالقبول على أنّي ... بعثت بما يقلّ لعبد عبدك

أهدى بعض الأدباء إلى المعتز شيئا، وكتب إليه: لا يعيب العبد أن يهدي إلى سيده القليل من نعمته عنده ولا السيد أن يقبل ذلك وإن كان الكل له والسلام.

المقتصر في الهديّة على الشّكر

قال المازني: أظرف من اعتذر للفقر واقتصر على الشكر في الإهداء أحمد بن إبراهيم

<<  <  ج: ص:  >  >>