للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو غضبت روح على جسمها ... ألّف بين الروح والجسم

ذمّ طبيب

رأى أفلاطون إنسانا مدعيا للصراع ضعيفا في دعواه ثم تحول طبيبا، فقال له: الآن أحكمت الصراع، تهيأ لصراع من شئت فإنك تصرعه. ترك لافس التصوير وتطبب فقيل له في ذلك فقال: الخطأ في التصوير تدركه العيون وتلحقه العيوب وخطأ الطبيب تواريه القبور. ورأى فيلسوف طبيبا جاهلا، فقال: هذا مستحث للموت.

قال الخبزارزي في طبيب اسمه نعمان:

أقول لنعمان وقد ساق طبّه ... نفوسا نفيسات على ساكني الأرض

أيا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشرّ أهون من بعض

[مدح الحمية]

قيل: الحمية طابع الصحة. وقيل للحرث بن كلدة: ما الدواء الأكبر، فقال: الأزم وقيل حمية شهر أيسر من سهر ليلة، وأن تصبر على الحمية شبرا خير من أن تقاسى العلة فترا. وقيل لا تأكل ما تشتهي فيصيرك إلى ما لا تشتهي. وقيل للسري: قد تركت الشهوة، فقال: تركت ما أحب لأستغني عن العلاج بما لا أحب.

واحتمى أحمد بن المعدل لعلة به فبرأ، فقال: الحمية صالحة لأهل الدنيا تبرئهم من المرض ولأهل الآخرة صالحة تبرئهم من النار. وقال عمر رضي الله عنه: عزم الرجل بحميته وحزمه بمتاع بيته. وقال المأمون لطبيبه: ما الذي يذهب بأكل الطين، فقال: عزمة من عزمات الرجال، قال صدقت، فتركه بعد ذلك ولم يعاوده، قيل للصاحب يوما: تحتمي وتشرب الأدوية، فقال افعل ذلك بغضا في الحمية وشرب الأدوية.

ذمّ الأدوية أيام الصحة وتجاوز الحدّ فيها

قيل: ليس الحمية في الصحة بأوجب من التخليط في الصحة. واستوصف العباس أخو المنصور طبيبا فقال له: كلّ في الصحة على الطبيب وفي المرض على مقتضى قول الطبيب. ودخل بيادوق طبيب الحجاج على بشر بن مروان فقال: أما ترى هذه العلة قد طالت بي، فقال: إلى أن أختبرك ولا يكون ذلك إلا على الريق فبكر إليه وأضجعه على الحصير وجسه ما بين أخمص قدمه إلى هامته، ثم قال: أيما أحب إليك الصدق أم الكذب؟ فقال وما حاجتي في الكذب؟ فقال: إنك ميت، فقال أرني أمارة ذلك فدفع إليه قطعة لحم طري وشدها في أبريسم وقال ازدردها ففعل، وتركها ساعة ثم قلعها فإذا عليها دود كثير، فقال: كيف أصابني ذلك وقد قدمت بلدكم وكننت نفسي من الحر والبرد، فقال: منها أتيت فقد نغل جسمك، فالأبدان لا تقوم إلا بالحر والبرد وإن أذياها. فعاش بعد ذلك ثلاثة أيام. وقيل الجوع للحمية أضر على البدن من العلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>