للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخر:

القين لا يصلح إلا ما جلس ... للكلبتين والعلاة والقبس «١»

[الراعي]

ذمّ قوم الرعاة فنسبوهم إلى الحمق وقالوا: أحمق من راعي ثمانين. وقالوا: لا تشاور راعي الضأن.

ومما يدلّ على فضيلتهم قول النبي صلّى الله عليه وسلم: ما من نبي إلا وقد رعى وقد رعيت. وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: ما بعث الله نبيّا إلا راعيا، بعث موسى وهارون راعيين، وبعثت وأنا أرعى لأهلي.

وشرط صاحب الإبل على الراعي، فقال: عليك أن تهنأ جرباها وتلوط حوضها وتنشد ضالتها وترد نادتها وتستقصي في الرسل ما لم تنهكما حلبا أو تضرّ بنسل، فقال الراعي: نعم، على أن يدي مع أيديكم في الحار والقار ولا تذكر أمي بشرّ ولي مقعد موسع من النار، فقال:

هذا لك، فإن خنت فما عليك. قال حذفة: بالعصا أخطأت أم أصبت.

وتفاخر راعيان، فقال أحدهما: والله ما اتخذت عصا فيها غير هذه منذ شبت وما انكسرت، فقال الآخر: تعست إن اتخذت فيها عصا غير يدي. ويوصف الراعي بأنه ضعيف العصا أي قليل الضرب بها. قال الشاعر:

ضعيف العصا بادي العروق ترى له ... عليها إذا ما أجدب الناس إصبعا

الكنّاس

قال رجل من الكناسين لآخر: ويحك ألا تعجب من فلان يزعم أنه كناس ابن كناس؟ فقال: قل له يا ابن الخبيثة مالك والكنس، قد والله بغضوا إلينا هذا العلم، أف وتف من النوكى رجاء أمس. ويقول أنا كناس، أما والله لو شهدنا ونحن نكنس المطابق والسجون فلا نخطىء ما قدرنا بزنبيل واحد ولا نتحاشى من الدخول في كنفها. علم من الكناس ابن الكناس، وكان أبو إبراهيم الكساح رئيس الكساحين، قال له أحمد بن سليمان: احمل مائة سفينة مع المائة التي كنت حملتها قبل، وخذ ثمنها. فقال: تلك المائة كنت قد جعلتها طعمة للأمير.

باب مختلف من الصّناعات

قيل: من حذق في صناعته احتسب حذقه في رزقه، ولذلك ترى أكثر الحاذقين محرومين. وسمعت بعض العلماء يقول: إنما نرى أكثر الحذاق في صناعتهم يضيق رزقهم لا تكالهم على حذقهم لا يبذلون جهدهم فيما يعملونه، وغير الحاذق يبذل جهده ويفرغ نصحه خشية أن تسترذل صنعته، فيبارك الله فيه بجدّه وجدّه واستفراغ نصحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>