للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدح الدّين والرخصة فيه

قال النبي صلّى الله عليه وسلم: من أعياه الرزق فليستدن على الله ورسوله. دخل عتبة بن هشام على خالد بن عبد الله القسري، فقال خالد معرّضا به: إن رجالا يدانون في أموالهم فإذا أفنيت أموالهم أدانوا في أعراضهم، فقال عتبة: أصلح الله الأمير إن رجالا تكون أموالهم أكثر من مروآتهم فلا يدانون، ورجالا مروآتهم أكثر من أموالهم، فإذا نفدت أموالهم أدانوا على سعة ما عند الله، فخجل خالد وقال: إنك منهم فيما علمت. وقيل: تعرف مروءة الرجل بكثرة ديونه. وقيل: الدين من مواسم الأشراف.

قال المقنع الكندي:

يعاتبني في الدّين قومي وإنّما ... ديوني في أشياء تكسبهم حمدا

وقال أبو شراعة:

والدّين طوق مكارم لا تلتقي ... طرفاه في عنق البخيل الحازم «١»

وذلك من قول عمر لزنباع، حين قال له: ما أقدمك المدينة؟ قال: دين عليّ.

فقال: الدّين ميسم الكرام. وسأل عمرو بن عبيد عن رجل، فقالوا: إنه استتر لدين حصل عليه. فقال: طالما وفد به الكرام.

[مدح من أدنت عليه.]

وقال سعدان:

ولو كنت مولى قيس عيلان لم تجد ... على الإنسان من الناس درهما

ولكنّني مولى قضاعة كلّها ... فلست أبالي أن أدين وتغرما «٢»

وهذا أجمع شعر جمع فيه بين مديح وهجاء. وقال ابن الرومي:

عليّ دين نبيل أنت قاضيه ... يا من يحملني دينا رجائيه

[من قضى دينا بدين]

قال شاعر:

إذا ما قضيت الدّين بالدّين لم يكن ... قضاء ولكن كان غرما على غرم

وقال آخر:

أخذت الدين أدفع عن تلادي ... وكان الدين أدفع للتلاد «٣»

وقيل لمحمد بن واسع: فلان قد قضى دينه مما كسبه، فقال: ما كان أكثر دينا قط منه الساعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>