للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ

«١» . وقيل: التبذير إنفاق المال في غير الحق. وسئل سعيد بن جبير رضي الله عنه عن التبذير، فقال: هو أن تنفق الطيب في الخبيث.

وقال تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ

«٢» ولم يأذن في الفضول وقال عزّ من قائل: وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا

«٣» .

وقال صلّى الله عليه وسلم: أنهاكم عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال. وقال: ليس في السرف شرف.

وقال معاوية: ما رأيت تبذيرا إلّا وإلى جنبه حق مضيع. وقال صلّى الله عليه وسلم: ما عال امرؤ عن اقتصاد.

وقال أبو بكر رضي الله عنه: إني لأبغض أهل بيت ينفقون رزق أيام في يوم واحد.

وقيل: ما وقع تبذير في كثير إلّا هدمه ولا دخل تدبير في قليل إلا ثمره.

وقيل: إنك إن أعطيت مالك في غير الحق يوشك أن يجيء الحق وليس عندك ما تعطي منه.

التهكّم على مبذّر

قيل في المثل: خرقاء وجدت صوفا. وقيل: من يطل ذيله ينتطق به. وقيل: يطأ فيه. ومن وجد دهنا دهن إسته. وقيل: عبد خلي في يديه، وعبد ملك عبدا. وكان بعض المتخلفين ورث مالا فكان يحمل الدنانير ويأتي الشطّ فيقذف واحدا واحدا في الماء، فقيل له في ذلك، فقال: يعجبني طليته وصوته. وبنى عون العبادي دكانا وسط داره وأسرف في الإنفاق عليه إسرافا متناهيا فليم في ذلك، فقال: ما أصنع بالدراهم إذا.

الحثّ على حفظ المال والإستغناء به عن الأنذال

كان لسفيان بن عيينة صرة دنانير يحفظها، فقيل له: أتحفظ ذلك وأنت موصوف بالزهد؟

فقال: لئلا أكون مناديل الغمر من الرجال. وقيل لأفلاطون: لم تدخر المال فأنت شيخ؟ فقال:

لأن يموت الإنسان ويخلف ما لا لعدوّه خير من أن يحتاج إلى أصدقائه في حياته.

وقيل: خلّف للأعداء ولا تحتج إلى الأصدقاء. وقيل لحكيم: لم حفظت الفلاسفة ما في أيديهم؟ فقال: لئلا يقيموا أنفسهم المقام الذي لا يستحقونه، فقد علموا أن لا اتكال على ما في يد الغير. وفي المثل: بق نعليك وابذل قدميك «٤» .

[النهي عن إنفاق جميع المال والرخصة في ذلك]

روي في الخبر: أن كعب بن مالك أراد أن يتصدق بماله كله، فنهاه النبي صلّى الله عليه وسلم وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>