للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محبّة النّاس للمال

قال عمرو بن العاص لمعاوية: ما أشد حبك للمال، قال: ولم لا أحبه وأنا أتعبد به مثلك، وأبتاع به مروءتك ودينك. وقال بعض الفرس: من زعم أنه لا يحب المال فهو عندي كاذب حتى يثبت صدقه، وإذا ثبت صدقه فهو عندي أحمق. وقيل لابن زياد: لم تحب الدراهم وهي تدنيك من الدنيا؟ فقال: هي وإن أدنتني منها فقد أغنتني عنها. وقيل: تقليب الدرهم يوقف الشيب ويزيل الهم والتعب، وقيل: من نقر درهما زرع في قلبه شهوة.

تشاحح «١» الناس بالمال

قال يونس: لو أن الدنيا مملوءة دراهم على كل درهم مكتوب من أخذه دخل النار لأمست وما على ظهرها درهم يوجد. وقيل: لما ضربت الدراهم والدنانير صرخ إبليس صرخة وجمع أصحابه، فقال: قد وجدت ما استغنيت به عنكم في تضليل الناس فالأب يقتل إبنه والابن يقتل أباه بسببه.

[وصف أنواع المال وتفضيل بعضها على بعض]

سئل أبو بكر عن أصناف الأموال، فقال: أما الماشية فإنها تقبل من السنة إذا أقبلت وتدبر معها إذا أدبرت، وأما الرقيق فإنه يغدو عليها ضرّها ونفعها وقليل الضر يأتي على كثير النفع، والصامت مال من لا مال له، لأنه إن أنفقه أتلفه وإن أمسكه أهان به نفسه، وكان كمن لا مال له.

وقال: خير المال ما أطعمك ما لا تطعمه. وقال عبد الله بن الحسن: غلّة الدور مسألة «٢» وغلّة النخل كفاف «٣» ، وغلة الحب غنى. وقيل للأحنف: أي المال أبقى وأوفى؟

فقال: المساكن والأرضون، وقيل في قوله تعالى: وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً وَبَنِينَ شُهُوداً

«٤» إن له غلة شهر بشهر. قيل لمجنون لم صار الدينار خيرا من الدرهم والدرهم خيرا من الفلس؟ فقال: الفلس ثلاثة أحرف والدرهم أربعة أحرف والدينار خمسة.

وقيل لآخر: لم صار لون الذهب أصفر؟ فقال لأن طلابه كثير. وقيل لآخر، فقال:

لخوف الدفن.

وقيل لرجل: لم فضل الدينار على الدرهم؟ فقال: لأن الدينار يؤدي إلى النار والدرهم دار هم، وعذاب الهم عاجل وعذاب النار آجل، وإلى ذلك محيا وممات.

ودفع إلى أعرابي دينار فحمله إلى الصرّاف فملأ له يديه دراهم، فقال: ما أصغر منظرك وأعظم مخبرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>