للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال رجل من بني قريع:

وكائن رأينا من غني مذمم ... وصعلوك قوم مات وهو حميد

وقال أبو تمّام:

لا يحسب الإقلال عدما بل يرى ... أن المقلّ من المروءة معدم «١»

طيب عيش مؤثر الفقر وعزّته وفضله

كان سقراط فقيرا، فقال له بعض الملوك: ما أفقرك؟ فقال: لو عرفت راحة الفقر لشغلك التوجع لنفسك عن التوجّع لي، فالفقر ملك ليس عليه محاسبة. وقيل له: لم لا يرى أثر الحزن عليك؟ فقال: لأني لم أتخذ ما إن فقدته أحزنني. وقال بعض الحكماء: من أحبّ أن تقلّ مصائبه فليقل قنيته للخارجات من يده، لأن أسباب الهمّ فوت المطلوب وفقد المحبوب، ولا يسلم منهما إنسان، لأن الثبات والدوام معدومان في عالم الكون والفساد.

وبهذا ألمّ ابن الرومي، فقال:

ومن سرّه أن لا يرى ما يسوؤه ... فلا يتّخذ شيئا يخاف له فقدا

حكي أنه لما غرقت البصرة أخذ الناس يستغيثون، فخرج الحسن رضي الله عنه ومعه قصعة وعصا، فقال: نجا المخفّون. وقال بعض الزهاد، وقد قيل له أترضى من الدنيا بهذا؟

فقال: ألا أدلك على من رضي بدون هذا؟ قال: نعم، قال: من رضي بالدنيا بدلا من الآخرة.

وقيل لمحمد بن واسع رحمه الله: أترضى بالدون، فقال: إنما رضي بالدون من رضي بالدنيا وترك الآخرة.

[طيب عيش من قنع بما رزق]

سئل الفرغاني عن الفتوّة، فقال: هو أن يكون في كل وقت بشرطه. وقيل لبزرجمهر أي الناس أقل هما، فقال: ليس في الدنيا إلا مهموم، ولكنّ أقلهم هما أفضلهم رضا وأقنعهم بما قسم.

وقيل لبعضهم: من أنعم الناس عيشا؟ فقال: من رضي بحاله ما كانت. وقيل: من رضي بما قسم له كان دهره مسرورا. وقيل لابن عوف ما تتمنى؟ فقال: أستحي أن أتمنى على الله ما ضمنه لي، قال بعض النقّاد:

دنيا تخادعني كأنّي ... لست أعرف حالها

حظر الإله حرامها ... وأنا احتميت حلالها «٢»

<<  <  ج: ص:  >  >>