للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى

«١» قال أبو حازم: ما احتجت إلى شيء مما يستقرض إلا استقرضته من نفسي. وقال ملك لعابد ما منعك أن تخدمني وأنت عبدي، فقال: لو صدقت نفسك لعلمت أنك عبد عبدي؟ فقال: كيف؟ قال: لأني ملكت الشهوة فهي عبدي وقد ملكتك فأنت عبدها فقال: صدقت. قال أشجع:

تجافى عن الدّنيا فقد فتقت له ... خواصرها واستقبلته أمورها

وقال آخر:

وخلّى عن الدّنيا وقد فرشت له ... محفلة أخلافها لم تصرّم

مدح متظلف «٢» عن مال غيره متبرع بماله

وصف أعرابي رجلا، فقال: هو بماله متبرّع وعن مال غيره متورّع.

وقال شاعر:

أبو مالك قاصر فقره ... على نفسه ومشيع غناه «٣»

وقال آخر:

وإني لعفّ الفقر مشترك الغنى

وقال إبراهيم بن العباس:

يعرف الأبعد إن أثرى ولا ... يعرف الأدنى إذا ما افتقرا

وقال آخر:

فتى إن هو استغنى تخرّق في الغنى ... وإن قلّ مالا لم يضع سنّة الفقر «٤»

وقال ابن أبي ليلى لابن شبرمة: أما ترى هذا الحائك لا نفتي في مسألة إلا خالفنا فيها، يعني أبا حنيفة رضي الله عنه، فقال: ابن شبرمة: لا أدري حياكته ولكني أعلم أن الدنيا غدت إليه فهرب منها وهربت منّا فطلبناها.

ذمّ إظهار الفقر والنهي عنه

قيل: أشدّ الأشياء مؤنة الفاقة وأشدّ من ذلك الاستكانة إلى من لا يجبرها. وقال أمير المؤمنين رضي الله عنه: رضي بالذل من كشف ضرّه. وقال حكيم: استتر من الشامتين بحسن العزاء عند النوائب.

وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: من هداه الله للإسلام وعلمه القرآن ثم شكا الفاقة كتب الفقر بين عينيه إلى يوم القيامة، ثم تلا قوله تعالى: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>