للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفم، فقد تعلم الشر صغيرا. ووقف سائل على قوم، فقال أحدهم صناعتنا واحدة، فقال القائل: فأنا قواد فهل أنتم قوادون.

وكان أبو الأسود يأكل على باب داره تمرا، فوقف عليه أعرابي، فقال: شيخ هم غابر ماضين ووافد محتاجين أكله الفقر وتداوله الدهر، فناوله تمرة، فزجّ بها الأعرابي في وجهه، وقال: جعلها الله حظك عنده وألجأك إليّ كما ألجأني إليك، ليبلوك بي كما بلاني بك.

وقف فقير على باب المافروحى بالأهواز فأعطوه لقمة صغيرة، فقال: هذا الدواء كيف يشرب؟ وأعطي سائل مبطنة صغيرة، فقال رحم الله من تممها جبة.

وينشد في من ينسى حاجتك قول الشاعر:

إذا لم تكن حاجاتنا في نفوسنا ... لإخواننا لم تغن عنها الرتائم «١»

ونحوه:

إذ الموصوفون بنو سهوان

اجتمع يحيى بن زياد وحمّاد عجرد وبشار على طعام، فوقف سائل بالباب، فقال:

يا مسلمين، فقال يحيى: فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون. فقال: إرحموني، فقال:

حمّاد: قد رحمناك. فقال إسمعوا كلامي، فقال بشّار:

لقد أسمعت لو ناديت حيّا ... ولكن لا حياة لمن تنادي

سأل متكفف الأصمعي، فقال: لا أرتضي لك ما يحضرني، فقال: أنا أرتضيه، فقال: هو بورك فيك. قال:

ألم ترني أبغضت ليلى وذكرها ... كما أبغض المسكين بورك فيكا

وقال: سائل لعبادة: إرحمني، فقال: قد رحمتك، فقال: تصدّق عليّ، فقال حاجتين في حاجة لا يكون. سأل رجل متكففا، فقال: الصنعة واحدة، فقال: أنا أقود على بنتي وأحمل الكلاب على أمي، لا شك أن الصنعة واحدة.

حكايات عن متكفّف فصيح

قال المازني: وقف علينا أعرابي، فقال: رحم الله أمرأ يمجّ أذنه كلامي وقدم معذرة لسوء مقامي، فإن الفقر يدعوني إلى إخباركم والحياء يمنعني من سؤالكم، فقلت له: ممن الفتى؟ فقال: إن سؤالا الإكتساب يمنع من الانتساب.

وقف أعرابي على حلقة الحسن البصري، فقال: رحم الله امرأ أعطى من سعة، وواسى من كفاف وآثر من قوت، فقال الحسن: ما ترك أحدا منكم حتى سأله.

وقال الأصمعي: وقفت علينا أعرابية، فقالت: أتأذنون في الكلام فإنه فرج من وساوس الهموم ودليل على ضمائر القلوب؟ فقال بعضنا: أما بما يحسن به الاستماع في

<<  <  ج: ص:  >  >>