للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرزاق ربّ لأقوام يقدرها ... من حيث شاء فيجريهن في هبة

صعوبة الجود في النّفوس

قيل لحاتم: كيف تجد الجود في قلبك؟ فقال: إني لأجده كما يجده الناس ولكن أحمل على خطط الكرام. وقال البحتري:

وأشقّ الأفعال أن تهب الأنفس ما ... أغلقت عليه الأكفّ

وقال الجريمي:

ودون النّدى في كلّ قلب ثنيّة ... لها مصعد حزن ومنحدر سهل «١»

كون السّماحة كالشّجاعة

قيل: من جاد بماله فقد جاد بنفسه وإن لم يجد بها فقد جاد بما لا قوام لها لا به.

ووصف رجل خالد بن عبد الله القسري بالشجاعة، فقال بعض من حضره: إن خالدا لم يلق حربا قط، فقال: الصبر على السخاء أشد من الصبر في الهيجاء. وقال ابن أبي خالد:

لا تعدّن نفسك شجاعا حتى تكون جوادا، فإنك إن لم تقو على أن تقاتل نفسك على البخل لا تقدر على عدوك بالقتل. إن الجواد على بذل الندى البطل. وقيل: السخي شجاع القلب والبخيل شجاع الوجه.

وقال أبو تمّام:

وإذا رأيت أبا يزيد في ندى ... الوغا ووغى ومبدىء غارة ومعيدا

أيقنت أنّ من السماح شجاعة ... تدمي وأنّ من الشجاعة جودا

وقال البديهي:

وإذا اختبرت علمت غير مدافع ... أن السماح سجيّة الأبطال

[كون البخل منافيا للخصال المحمودة]

قال النبي صلّى الله عليه وسلم: شرّ ما في الإنسان شح هالع «٢» وجبن خالع. وروي عنه صلّى الله عليه وسلم: أي داء أدوى من البخل.

وسمع رجل يقول: الشحيح أغدر من الظالم، فقال: لعن الله الشحيح ولعن الظالم، فإن خصلتين خيرهما الظلم لخصلتا سوء.

وقال كسرى لجلسائه: أي شيء أضرّ فأجمعوا على الفقر، فقال: الشحّ أضر منه لأن الفقر قد ينفرج والشحّ لا يفارق. وقيل: من أيقن بالخلف جاد بالنشب، وذلك من قول النبي صلّى الله عليه وسلم منع الموجود سوء الظن بالمعبود. ومن هذا أخذ الفضل بن سهل فيما حكى عنه أنه قال: رأيت جملة البخل سوء الظن بالله وجملة السخاء حسن الظن بالله.

<<  <  ج: ص:  >  >>