للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحسن للبخل المحتجّ له

قيل لخالد بن صفوان: مالك لا تنفق ومالك عريض؟ قال: الدهر أعرض منه. قيل له: كأنك تؤمل أن تعيش أبدا؟ قال: لا، ولا أخاف أن أموت في أوله.

قال الجاحظ: قلت لبعض الأغنياء البخلاء أرضيت أن يقال لك إنك بخيل؟ قال: لا أعدمني الله هذا الاسم، لأنه لا يقال بخيل إلا لذي مال، أعطني المال وادعني بما شئت من الأسماء.

من وهب ماله في عمله فهو أحمق ومن وهبه في عزله فهو مجنون. وقيل لأبي الأسود: أنت ظرف علم ووعاء حلم غير أنك بخيل، فقال: وما خير ظرف لا يمسك ما فيه. وقيل: من لم يمنع لم يكن له ما يعطي. قال: وللبخل خير من سؤال بخيل.

وقيل: الشحيح أعذر من الظالم. وقال المنصور: الناس يزعمون أني بخيل وما أنا ببخيل، ولكني رأيت الناس عبيد المال فحظرت ذلك عليهم ليكونوا عبيدي.

وعمل سهل بن هارون كتابا في مدح البخل وأهداه إلى الحسن بن سهل، وطلب منه ثوابا، فوقع على ظهره: قد جعلنا ثوابك ما حسنته وأمرت به.

قال الموسوي في عذر فاضل بخيل:

لا غرو إن كنت حرا لا تفيض ندى ... فالبحر غمر ولكن ليس بالجاري

ذمّ ممتنّ بالإعطاء

قيل: المنّة تهدم الصنيعة. وقيل لأعرابي: فلان يزعم أنه كساك، فقال: المعروف إذا منّ به كدر، ومن ضاق قلبه اتسع لسانه. وقيل لآخر في المعروف إذا أحصى، قال:

إنّ الذين يسوغ في أعناقهم ... طعم يمن عليهم للئام

وقال آخر:

أفسدت بالمنّ ما قدّمت من حسن ... ليس الجواد إذا أسدى بمنّان

وقيل لرجل: هل لك في ندى فلان؟ فقال: لا خير في ثمرة مقترنة بزنبور.

ومن ذا الذي يلتذّ شهدا بعلقم ... أبت لهواتي ذاك والشفّتان «١»

وقيل: شوى أخوك حتى إذا أنضج رمد، وقول الله تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ

«٢» ، قال فتقديره يقولون إنما نطعمكم، قال مجاهد لم يكن ذلك منهم مقالا وإنما أخبر عما كان لهم اعتقادا.

<<  <  ج: ص:  >  >>