للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلغ. فلمّا جاء وجده من الكيس بمحل. فقال له عمر: اعتزل عملك. فقال زياد: أعن خيانة؟ قال: لا، ولكني أكره أن أحمّل الناس فضل عقلك ومنطقك. قال: إذا لا أبالي.

دخل محمد بن عبد الملك ابن صالح على المأمون حين قبض على ضياعهم وهو صبي أمرد «١» ، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين. قال: من أنت؟ قال: سليل نعمتك وابن دولتك وغصن من أغصان دوحتك، أتأذن لي بالكلام؟ قال: نعم. فتكلم بكلام حسن فقضى حاجته.

نظر المأمون إلى الحسن بن رجاء وهو صبي في ديوانه، فقال: من أنت؟ قال:

الناشىء في دولتك المتقلّب في نعمتك وتخريج أدبك الحسن بن رجاء. فقال المأمون:

بالإحسان في البديهة تفاضلت العقول وأمر برفعه عن محلّه.

وفي بعض كتب الفرس أن كسرى أراد كاتبا لأمر أعجله فلم يوجد غير غلام صغير يصحب الكتاب فدعاه، فقال: ما اسمك؟ قال: مهر ماه. قال: اكتب ما أملى عليك فكتب قائما أحسن من غيره قاعدا. ثم قال له: اكتب في هذا الكتاب من تلقاء نفسك ففعل وضمّ إلى الكتاب رقعة فيها: إن الحرمة التي أوصلتني إلى سيدنا لو وكلت فيها إلى نفسي لقصرت أن أبلغ إليها فإن رأى أن لا يحطّني إلى ما هو دونها فعل. فقال كسرى: أحب مهر ماه أن لا يدع في نفسه لهفة يتلهف عليها بعد إمكان الفرصة. وقد أمرنا له بما سأل.

وذكر أن عمرو بن عتبة أعتق غلاما له فقام إليه وصيف له فقال: اذكرني ذكرك الله فاستصغره فقال ويلك أنك لم تخرف بعد. فقال: إن النخلة قد تجتنى زهوا قبل أن تصيرمعوا. قال: قاتلك الله قد استعتقت قد وهبتك لواهبك لي.

وصف بلادة الصبيان في التعلّم

كان معلّم يضرب صبيّا، فقيل له: لم تضربه؟ فقال أنه يترك الصواب الهيّن ويأتي الخطأ الصعب، فإذا هو يقرأ: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ

«٢» ويقرأ: فيؤخذ بالنواهض «٣» والأقدام.

وحكي أن مؤدبا ادّعى أنه علّم صبيا النحو والفرائض، فامتحنه أبوه فقال له: كيف تقول ضرب زيد عمرا؟ قال: كما تقول فقال له: فما إعرابهما؟ قال زيد رفع بفعله وما بقي فللعصبة.

وأمر آخر معلما أن يعلمه الفرائض فامتحنه يوما، فقال له: ما تقول في رجل مات وخلف ابنتين وابنا، فقال: أما الابن فيسقط، فقال: نعم إذا كان مثلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>