للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبد يذنب فيتصور له ذنبه، ويعلم أن الله ربه، وإذا سكر نسي ذنبه ولم يعرف ربه، وشرّ الذنوب ما فرق بين العبد وبين معرفة ربه. وروي أن إبليس قال: مهما أعجزني ابن آدم فلن يعجزني إذا سكر أن آخذ بزمامه فأقوده حيث أشاء، وأحمله على ما أريد.

قال شاعر:

وإن أمرأ يبتاع سكرا بصحّة ... لفي سكرة تغنيه عن ذلك السّكر «١»

حدّ السّكر

قيل لبعضهم: ما حد السكر؟ قال هو أن تعزب عنه الهموم ويظهر سرّه المكتوم.

وقيل: حده أن يحسن عندك ما كان قبيحا، وأخذ ذلك أبو نواس، فقال:

إسقني حتّى تراني ... حسنا عندي القبيح

وله:

لا تلمني على التي فتنتني ... وأرتني القبيح غير القبيح

[وصف سكران]

انتهى المأمون إلى يحيى بن أكثم فرآه ثملا نائما في الرياحين، فقال له: قم، فقال:

رجلي لا تطاوعني، فقال: خذ، فقال: كفيّ لا تواتيني، فقال فيه:

وصاحب ونديم ذي محافظة ... سبط البنان بشرب الرّاح مفتون «٢»

ناديته ورواق الليل منسدل ... تحت الظلام دفين في الرّياحين

فقلت: قم قال: رجلي لا تطاوعني ... فقلت: خذ، قال كفّي لا تواتيني

إنّي غفلت عن السّاقي فصيّرني ... كما تراني سليب العقل والدّين

وقال ابن المعتز:

مشوا إلى الرّاح مشي الرخّ وانصرفوا ... والرّاح تمشي بهم مشي الفرازين «٣»

وقال أبو الوفاء:

حتى يروح السكر فينا وقد ... قام مقام الشّكل والعقل

وقال آخر:

مزة تترك عقلي ... ذاهبا في التّرّهات

<<  <  ج: ص:  >  >>