للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذمّها بأنها تدعو إلى الفسق

قال الله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ

«١» مرت أعرابية بقوم يشربون نبيذا فسقوها فلما شربت أقداحا اعترتها أريحية، فقالت: أيشرب هذا نساؤكم، قالوا: نعم، قالت: إذا زنين ورب الكعبة، فما يدري أحدكم من أبوه. قال جحظة:

لم يبلغ الشيخ إبليس إرادته ... حتى تكاثف في عنقوده العنب

سئل عبد الله بن إدريس عن الشرب، فقال: إشرب ما لا يشربك.

قدر الشّرب وزمنه

قال المأمون: إشرب النبيذ ما استبشعته، فإذا استطبته فدعه. سئل أبو محمد بن عبد الله عن شرب الربيع، فقال: ربيع أهل المروآت وميدان اللذات، وفي إدمانه ذهاب الفطنة وفي تركه فقد السرور. قيل: فما تقول في محادثة الرجال؟ قال: روضة لا يجف نورها وغدير لا ينضب ماؤه وجوهر لا يصلح إلا للملوك، قال شاعر:

شرب النبيذ على الطّعام ثلاثة ... فيها الشّفاء وصحّة الأبدان

وقيل: القدح الأول يكسر العطش والثاني يمرىء الطعام والثالث يفرح النفس، وما زاد على ذلك فضل. وقال قتيبة لقاضي مرو: بلغني أنك تشرب، قال: أجل، قال: فكم تشرب قال: ما بل الثفل «٢» وطيب النفس وأغنى عن الماء. قال فما أبقيت منه؟ قال: أكثره وأخبثه التكاءة على الشمال ومنادمة الرجال والاختلاف إلى المبال «٣» وقال بعض الظرفاء: للنبيذ حدّان، حدّ لا هم فيه وحدّ لا عقل فيه، فعليك بالأول واتق الثاني، وقال ابن المقفع:

سأشرب ما شربت على طعامي ... ثلاثا ثم أتركه صحيحا

فلست بقارف منه أثاما ... ولست براكب منه قبيحا

ذمّ إدمانها

قال بعض الطرفاء: أربعة أشياء إن أفرط فيها الرجل أهلكته واستهوته، إدمان الخمر وحب النساء وشهوة الصيد والمماراة. وفي الخبر: لا يدخل الجنة مدمن خمر.

الحثّ على استيفاء شربها أو تركها

قال ابن شبرمة لكاتبه: أتشرب؟ النبيذ؟ قال: القدحين والثلاثة، فقال: والله ما شربته شرب من يلتذ به ولا تركته ترك من يتحرج منه.

وقيل في جواب هذا: المثل: إشرب شرب فتوة أو أترك ترك مروءة. وقيل

<<  <  ج: ص:  >  >>