للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا فاتك هذا ... فعلى العيش السّلام

سأل معاوية الأحنف عن أطيب الأشربة، فقال: الخمر، قال: وما يدريك ولست من أصحابها، قال: رأيت من أحلت له لا يبتغي غيرها ومن حرمت عليه يتناولها، فعرفت طيبها وفضيلتها. وقيل: النبيذ صابون الغمّ. وقيل لبعضهم: فلان ترك النبيذ، فقال: طلق الدنيا.

وقيل لدهقان ما أصباك بالخمر؟ فقال: لأني رأيت لها أفعالا لم أرها لغيرها، إذا رأيت الهم تمكن في قلبي فقرب الكاس من الباب خرج الهم. وأخذ ذلك أبو نواس فقال:

إذا ما أتت دون اللهاة من الفتى ... دعا همّه من صدره برحيل

وقيل لشيخ: لم تشرب النبيذ؟ فقال: لأن فيه شيئا يحمده أهل الجنة، قيل وما هو، قال: ما تقول أهل الجنة الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن، والنبيذ هو ذاهب بالحزن.

وقال أبو نواس فيها: الراح صديقة الروح قيد اللذات ومفتاح المسرات، وقال:

وما استقرت في فؤاد فتى ... فدرى ما لوعة الحزن

وله:

كأس إذا ما الشيخ والى بها ... خمسا تردّى برداء الغلام

وذمّ بعضهم الخمر، فقال: أولها دوار وآخرها خمار، فردّ عليه آخر فقال:

إن يكن أول المدام دوارا ... أو يكن آخر المدام صداعا

فلها بين ذا وذاك هنات ... وصفها بالسرور لن يستطاعا

وقال ابن المعتز:

يبول همّا ويحسو اللهو والطّربا

وله في وصفه:

وأصلح بيني وبين الزمان ... وأبدلني بالهموم الطرب

وصفها بأنّها تدرع الكبر وتورث اليسر.

قال لقيط بن زرارة:

شربت الخمر حتى خلت أني ... أبو قابوس أو عبد المدان

أمشي في بني عدس بن زيد ... رخيّ البال منطلق اللسان

وقال المنخل:

وإذا سكرت فإنّني ... ربّ الخورنق والسّدير

وإذا صحوت فإنّني ... ربّ الشويهة والبعير

وصفها بالصّفاء والرقّة

قال الحسن بن الضحاك: كنت مع أبي نواس بمكة فسمع صبيا يقرأ: يكاد البرق

<<  <  ج: ص:  >  >>