للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأكلون، وسألتهم ما لا يجدون، وكلفتهم ما لا يطيقون، وأسمعتهم ما يكرهون، فإن لم يخرجوك فهم لذلك مستأهلون.

وقيل: من مقتضيات الثقل إن يكون الإنسان يتتايس وهو يقدر أن يتكايس. ودخل ثقيل على ابن أبي البغل فأطال الجلوس، فلما خرج الناس قال: هل من حاجة؟ قال: لا، فانظره ساعة، ثم قال ما اسمك؟ قال: أبو عبد الله، محمد بن عبد الله، فقال لحاجبه: خذ بيد أبي عبد الله محمد بن عبد الله واطرده إلى لعنة الله.

التّعريض بثقيل

قال ابن عائشة: ذكر الله تعالى الثقلاء، فقال: فإذا طعمتم فانتشروا. وشرب بغيض عند رجل، فلما أمسى لم يأته بسراج، فقال: أين السراج؟ قال: إن الله يقول وإذا أظلم عليهم قاموا.

قال ثعلب لرجل استثقله: خاتم طاوس، فلم يعلم الرجل ما عناه، فقال له ثعلب:

إن طاوسا نقش على خاتمه أبرمت فقم، فإذا استثقل رجلا دفعه إليه وقال اقرأه.

وعاد الشعبيّ ثقيل فأطال الجلوس، ثم قال: ما أشد ما مرّ عليك في مرضك، قال:

قعودك عندي. ودخل ثقيل إلى الصاحب فأطال الجلوس وتبرم به، فكتب رقعة ودفعها إليه فيها:

إن كنت تزعم أن الدار تملكها ... حتّى نقوم فنبغي غيرها دارا

أو كنت تعلم أن الدار أملكها ... فقم لكي تذهب الأحزان والعارا

ودخل علي ابن مكرم أخوان من أولاد دينار، فاستثقل أحدهما واستطاب الآخر، فانزعج الثقيل وبقي الآخر.

فقال له ما مثلك ومثل أخيك إلا ما قال الله تعالى: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ

«١» .

اغتياب الثّقلاء والوقيعة فيهم

قال معمر: لا غيبة للثقلاء والوقيعة فيهم من اللذات. وفي مجالسات أبي بكر بن دريد لم يبق من لذة الدنيا إلا أكل القديد وحك الجرب والوقيعة في الثقلاء.

وفي وصف بارد: هو جبل همدان وماء سيدان، قال يوسف بن المغيرة:

ومن يقتل الأبطال بأسا ونجدة ... فإن أبا يعقوب يقتلهم بردا

وقال آخر:

إنما ظرف أبي العيناء في المجلس لحظه ... فإذا طاولته استبردت معناه ولفظه

<<  <  ج: ص:  >  >>