للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السريّ:

وليس يكون المرء سلم صديقه ... إذا لم يكن حرب العدوّ المخالف

[* حمد من يصاحب منهم أعداءك]

قال ابن المقفع: إذا رأيت صديقك مع عدوّك فلا يوحشنّك ذلك، فإنما هو أحد رجلين إذا كان من إخوان الثقة فانفع مواطنه قربه من عدوّك شرّ يلفّه وعورة يسترها وغائبة يطلع عليها، وإن كان غير ثقة فهو أولى «١» به فهبه له.

[* مدح رفض الحشمة بين الأصدقاء]

قال علي رضي الله عنه: شرّ الإخوان من يحتشم منه ويتكلّف له. قال العرجيّ الصوفي: إذا صحّ الود سقطت شروط الأدب. وقال الحسن بن وهب: إعلم أن المودة لا تتم ما دامت الحشمة عليها مسلّطة.

وقال بعضهم: أسقط عن نفسي نصف همّ الدنيا بعشرة من لا أحتشمه، وقال الجنيد رضي الله عنه لا تصحب من تحتاج أن تكتمه ما يعرف الله منك.

* ذمّ فرط الانبساط

قيل: صن الاسترسال منك حتى تجد له مستحقا، واجعل أنسك آخر ما تبذل من ودّك. وقال جعفر بن محمد: إيّاك وسقطة الاسترسال فإنها لا تستقال.

في كتاب كليلة ودمنة: بعض المقاربة حزم وكل المقارنة عجز، كالخشبة المنصوبة في الشمس تمال فيزيد ظلّها وتفرط في الإمالة فيرتد ظلّها.

وقال أكثم: الانقباض «٢» عن الناس مكسبة للعداوة والانبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء، أخذه الحارث. فقال:

إذا ما عممت النّاس بالأنس لم تزل ... لصاحب سوء مستفيدا أو كاسبا

فإن تقصهم أرموك عن ظهر بغضة ... فكن خلطا إن شئت أو كن مجانبا «٣»

ولا تنتبذ عنهم ولا تدن منهم ... ولكنّ أمرا بين ذاك مقاربا «٤»

وقال: إذا أقبل عليك مقبل بودّه فسرّك أن لا يدبر عنك، فلا تكثر الإقبال عليه، فالإنسان من شأنه التباعد ممن قرب منه، والدنوّ ممّن يتباعد منه.

[مباسطة الكرام والانقباض عن اللئام]

وما لي وجه في اللئام ولا يد ... ولكنّ وجهي في الكرام عريض

<<  <  ج: ص:  >  >>