للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفضيل صداقة من قدم إخاؤه]

قال معاوية لكاتب له: عليك بصاحبك الأقدم فإنّك تجده على مودّة واحدة وإن قدم العهد وبعدت الدار. وإيّاك وكلّ مستحدث فإنه يجري مع كل ريح. وقيل لا تستبدلنّ بأخ لك قديم، أخا مستفادا ما استقام لك. قال شاعر:

كيف يبقى لك الجديد من النا ... س إذا كنت تطرح الخلقانا «١»

قال أبو الشّيص «٢» :

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ... ما الحبّ إلّا للحبيب الأوّل «٣»

كم منزل في الأرض يألفه الفتى ... وحنينه أبدا لأوّل منزل

[عكس ذلك]

قيل: عليك بمستظرف الإخوان تستفيد منهم مستطرف الإحسان، وتأمن منهم بوائق «٤» الشقاق:

فللعين ملهىّ في التّلاد ولم يفد ... هوى النفس شيء كافتياد الظرائف

ولهذا الباب وما تقدّم نظير في حدّ الغزل.

العتب على المتلوّن وذمّه

قيل: مودّته متنقلة كتنقل الأفياء وأخوّته متلونة كلون الحرباء. قال صالح:

قل للذي لست أدري من تلوّنه ... أنا صح أم على غشّ يداجيني

تغتابني عند أقوام وتمدحني ... في آخرين وكلّ منك يأتيني

وقال آخر:

أخ لي كأيّام الحياة إخاؤه ... تلوّن ألوانا على خطوبها

إذا عبت منه عيبة فتركته ... دعتني إليه خلّة لا أعيبها

وكتب عبد الله بن معاوية: قد عاقني الشكّ في أمرك عن عزيمة الرأي فيك، فإنك ابتدأتني بلطف من غير خبرة، وأعقبتني بجفاء من غير ذنب، فأطمعني أوّلك في أخائك وأيأسني آخرك من وفائك. فسبحان من لو شاء كشف الغطاء، فأقمنا على ائتلاف أو افترقنا

<<  <  ج: ص:  >  >>