للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فشبّ بنو ليلى وشبّ بنو ابنها ... وأعلاق ليلى في الفؤاد كما هيا «١»

من ذكر أنّ هواه لا يزول إلا بموت

قال شاعر:

ستبقى لها في مضمر القلب والحشا ... سريرة ودّ يوم تبلى السرائر

وقال آخر:

يهيم فؤادي ما حييت بذكرها ... ولو أنّني قدمتّ جاوبها الصدى «٢»

[المفاضلة بين قديم الهوى وحديثه]

قال الأصمعي: رأيت في طريق الحج جاريتين كفلقتي القمر، فلما كانت السنة الثانية رأيت إحداهما فسألتها عن أختها فقالت تزوج بها ابن عم لها، فقلت: لو أدركتها لتزوجتها فقالت ما يمنعك من شقيقتها في حسبها ونسبها وشريكتها في حسنها فقلت: قول كثير:

إذ واصلتنا خلّة كي تزيلها ... عرضنا وقلنا الحاجبيّة أوّل

فقالت بيننا كثير أليس هو القائل:

هل وصل عزّة إلا وصل غانية ... في وصل غانية عن وصلها خلف «٣»

وحدّث يحيى بن أكثم المأمون أن كثيّرا اجتمع مع عزّة فتنكرت له متنقّبة وقالت:

من أنت؟ قال كثير فقالت: وهل تركت عزّة فيك نصيبا لغيرها؟ فقال: لو أن عزة كانت أمة لي لجعلتها لك، فكشفت البرقع وقالت: أهذا أيضا كذب الوشاة؟ فاستحيا، فقال:

المأمون لقد استحييت له وأنا على سريري.

وقال جعفر بن سليمان: قصدت المهدي يوما فقال: دخلت إلى جارية يقال لها حسناء ودخلت أخرى يقال لها ملكة، وأردت القيلولة فقلت: عند أيكما أقيل؟ فقالت حسناء: إن الله تعالى يقول: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ

«٤» فقالت ملكة لا تعجّل فإن الله تعالى يقول: وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى

«٥» فقلت لو أن شريكا حضرهما لم يقدر أن يقضي بينهما. قال بشار:

سبقت بالحب سلمى غيرها ... وأحقّ النّاس عندي من سبق

قال أبو تمّام:

نقلّ فؤادك حيث شئت من الهوى ... ما الحبّ إلّا للحبيب الأوّل

كم منزل في الأرض يألفه الفتى ... وحنينه أبدا لأوّل منزل

<<  <  ج: ص:  >  >>