للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شجو العاشق]

يقال للعاشق هو أسخن عينا ممن بات بين قبرين، واسوأ حالة ممن طوى يومين وليلتين، ذكر أعرابي عاشقا فقال:

يثني طرف عين قد قرّحت مآقيها ... ويحنو على كبد قد أعيت مداويها «١»

شكوى أحد المتحابين مقاساة شدّة من صاحبه

كان بعض القسس يمر فسمع كلاما خفيا من زقاق فإذا جارية تشكو إلى صديق لها ما لقيت فيه فقالت: أوعدوني وضربوني ومزّقوا ثيابي وفعلوا وصنعوا وهو ساكت لا يتكلم فقال القسيس خذوه فأخذ وخلى عن المرأة ثم قال للرجل: إنّها تقص عليك ما لاقت فيك فلم كنت ساكتا؟ فقال: أصلحك الله لم ألق فيها شكوى ولم أكذب فأمر به فضرب خمسين درة وقال: ارجع فاشك إليها ما لاقيته فيها. قال المجنون:

أعدّ الليالي ليلة بعد ليلة ... وقد عشت دهرا لا أعدّ الليالي

الخجل ممّن حصل منه اليأس

قال بعضهم:

وأني لا يغول النأي ودّي ... ولو كنا بمنقطع التراب

قال المتنبّي:

أحنّ إلى أهلي وأهوى لقاءهم ... وأين من المشتاق عنقاء مغرب «٢»

[إظهار التشوق في القرب والبعد]

كتب عبد الله بن عباس إلى أحمد بن يوسف: جعلت فداك لا أدري كيف أصنع أغيب فاشتاق ثم نلتقي فلا أشتفي يجدد لي اللقاء الذي يدفع به الشقاء حرقة مثل لوعة الفرقة. سأل المهدي عن أنسب بيت فقيل له:

وما ذرفت عيناك إلا لتضربي بي ... بسهميك في أعشار قلب مقتّل «٣»

فقال هذا أعرابي قح، فقيل:

أريد لأنسى ذكرها فكأنّما ... تمثل لي ليلى بكلّ سبيل

فقال: ما هذا بشيء ولم يريد أن ينسى ذكرها؟ فقيل قول الأحوص:

إذا قلت أني مشتف بلقائها ... فحم التّلاقي بيننا زادني وجدا

<<  <  ج: ص:  >  >>