للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاضي عياض وهو من علماء القرن الخامس الهجري، وقد روى هذه الصلاة عمن قبله فلا بد أن تكون من كلام التابعين أو من دونهم بقليل، فاثنتا عشرة كلمة وهي اللهم صلى الله عليه وسلم على محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بإبدال ناصر مكان المعلن وأما الهادي إلى صراطك المستقيم فهو من القرآن قال تعالى في سورة الشورى يخاطب رسوله صلى الله عليه وسلم: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} وهذه أربع كلمات تضاف إلى اثنتي عشرة فيصير المجموع ست عشرة كلمة، ومعنى (صل) موجود في الصلاة التي رواها عياض فيصير المجموع سبع عشرة كلمة فلا يبقى إلا ثماني كلمات وهي سيدنا وعلى آله بل على آله مأخوذة من الصلوات العامة فلا يبقى إلا سيدنا وحق قدره ومقداره العظيم وهي خمس كلمات أما لفظ سيدنا فغير مشروع في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار أهل القرون المفضلة لم يستعملوا لفظ سيدنا في صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم وهي زائدة على ما علَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ولن يأتي آخر هذه الأمة بمثل ما كان عند سلفها فكيف بأفضل منه؟ وعلى ذلك لا يبقى إلا أربع كلمات وهي حق، قدره، ومقداره، العظيم، وبذلك تهدم كل ما بناه التجانيون من القصور الخالية.

أما زعمهم أن ذلك الفضل الذي ادعوه لصلاة الفاتح خاص بمن أخذها بالإذن من الشيخ التجاني مباشرة أو بوسائط فهو أعجب وأغرب، وليس في الشريعة الإسلامية، لأن الذكر والدعاء إما أن يكونا مشروعين بمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بهما وهما من دينه الذي بعثه الله به فلا يحتاجون إلى إذن، لأن الإذن قد حصل من الله تعالى بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٤٢) } الأحزاب ٤١-٤٢، وقال تعالى في سورة الأعراف آية ٥٥: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥) } وهذا إذن عام لكل مؤمن من الله سبحانه وتعالى بلغه رسوله صلى الله عليه وسلم البلاغ المبين، لجميع المؤمنين، وقال تعالى في سورة الأحزاب آية ٥٦: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٥٦) } فكل من ذكر الله تعالى بذكر مشروع أو دعاه بدعاء مشروع أو صلى على النبي صلى الله عليه وسلم وتقبل الله منه ذلك أثابه عليه ولا يشترط أن يأخذه من شيخ، بل أخذه من الشيخ مبطل لثوابه لأنه بدعة والعبادات إذا قارنتها البدعة ليس لها ثواب، بل يكون أهلها متعرضين لعذاب الله، لأن البدعة شر من المعاصي كما حققه الإمام أبو إسحاق الشاطبي في الاعتصام، وقد أكمل الله دينه وبلغه أفضل الخلق فكل من نصب نفسه لإعطاء الأوراد والأذكار فقد ابتدع في دين الله وعرض نفسه لعذاب الله، وكذلك من أخذ عنه تلك الأوراد

<<  <   >  >>