للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبحانه وتعالى التي لا مُنازع لها، ليس لكل آدمي إلا السعي في أغراضه وشهواته بالإعراض عن الحضرة الإلهية، وما

تستحقه من توفية الحقوق والآداب وليس للعامة في هذا الوقت من السعي للأولياء إلا لأغراض فاسدة يريدونها من التمتع بالدنيا ولذاتها وشهواتها والنجاة من المصائب والعطب في هذا الدار، مع إقامتهم وإصرارهم على الدواهي والمهلكات العظام، من الكبائر الفاحشة التي لا عقبى لصاحبها إلا دار البوار، وليس لهم عن هذا الميدان خروج ولا لهم فيه الرجوع إلى الحضرة الإلهية ولوج، فلما عرف العارف ما في العامة، من هذا الأمر احتجبوا عن العامة وطردوهم بكل وجه وبكل حال، وكان اقتضاء ذلك أن يسكنوا في البراري والقفار، وكانة مراد الحق منهم أن يبقوا في وسط العامة ويسكنوا في وسطهم لأمور أرادها الحق منهم سبحان وتعالى، وحكم بها عليهم فلا منازع له في حكمه، ولم يجدوا مساغا في الخروج عن العامة في البراري والقفار لما عليهم من حكم الله الذي لا خروج لهم عنه ولا يجدون سبيلا إلى إصلاح العامة، وردهم إلى الحضرة الإلهية، فهم بمنزلة من أقيم بين جماعة الحمقى، يرمونه بالحجر، وكلف بالصبر، والإقامة بينهم، فهم في عذاب، فلهذا احتجبوا عن العامة وطردوهم بكل حال، وربما شم العامة روائح وصولهم من وراء الحجب، فنهضوا للتعلق بهم فيما يريدونه من أغراضهم فخلَّط العارفون عليهم بوجوه من التَّخليط، استِتَارا عن العامة بإظهار أمور من الزنا والكذب الفاحش والخمر وقتل النفس وغير ذلك من الدواهي التي حُكم على صاحبها أنه في سخط الله وغضبه، والأمور التي يقتحمها العارفون في هذا الميدان إنما يُظهرون صورا من الغيب لا وجود لها في الخارج إنما تصورات خيالية يراها غيرهم حقيقة فيفعلون في تلك الصور أمورا منكرة في الشرع، وهم في الحقيقة لم يفعلوا شيئا فاستتروا بذلك عن العامة حفظا لمقامهم وتحريرا لآدابهم، وإذا عرفت هذا فقد اختلط الصادقون والكاذبون في هذا الميدان ولا يعرف هذا من هذا ولا حيلة لأحد في معرفة العارف الواصل أصلا رأسا إلا في مسالة نادرة في غاية الندور،

وهو أن بعض الكمل ظهورا في مظهر الصور الشرعية الكاملة فمن ظهر بهذا المظهر وادعى المشيخة بالمعرفة فيه أنه يعرف بدلالته على الله تعالى والرجوع إليه والتزهيد في الدنيا وأهلها وعدم المبالاة بها وبوجودها مع ظهور صفة الفتح في غيره على يديه الخ اهـ.

في هذا الكلام ضلالات وأباطيل قوله الشيخ الواصل هو الذي رفعت الحجب له عن كمال النظر إلى الحضرة الإلهية إلى قوله فلم يبقى إلا الله البيت ... يعني أن الشيخ الواصل إلى الله تعالى العارف به حق المعرفة تنكشف له كل الحجب حتى يشاهد حقيقة

<<  <   >  >>