للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله عليه وسلم، فقد قال إن القرن الذي فيه القطب المكتوم والبرزخ المحتوم والختم المحمدي المعلوم شيخنا أحمد بن محمد التجاني وذلك القرن هو القرن الثاني عشر من الهجرة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام يشاكل قرنه صلى الله عليه وسلم من وجوه:

الأول: أن فيه خاتم الأولياء كما في قرنه خاتم الأنبياء.

الثاني: أن أتباع هذا الولي المجدد الخاتم يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله وحده ويجاهدون الأمم الضالة كما يجاهدون النفس والهوى والشيطان الجهاد الأكبر، قال الرسول صلى الله عليه وسلم رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر قالوا وما الجهاد الأكبر قال جهاد النفس والهوى.

الثالث: الإشارة إلى أن هذا القرن أفضل من جميع ما تقدم من القرون السالفة سوى القرون الثلاثة الوارد النص بأفضليتها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم) الحديث. ثم فسر ذلك صلى الله عليه وسلم بقوله (خير هذه الأمة أولها وآخرها) ج ٢ ص ٢٠، قال محمد تقي الدين الهلالي في هذا الكلام نظر من وجوه:

أولها لم يظهر لنا ولا نظن أنه يظهر لغيرنا أن القرن الثاني عشر الهجري يشبه القرن الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه، إلا أنْ يقال أنّ بداية الدعوة المحمدية كان الإسلام فيها غريبا، وكان أهله ضعفاء قليلا عددهم، إلا أنهم في زيادة مستمرة وكان الإسلام يزداد قوة يوما بعد يوم حتى بلغ القمة في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأما القرن الثاني عشر فقد كان الإسلام فيه غريبا، وكان أهله ضعفاء وإن كان عددهم كثيرا وكانوا يزدادون ضعفا يوما بعد يوم ويمتاز القرن الثاني عشر بأن المنتسبين فيه إلى الإسلام كان أكثرهم لا يعرف من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه وكان الشرك والبدع في غاية الظهور والانتشار، وكذلك الفجور والفسوق والمعاصي شائعة بدون تغيير، وأعداء الإسلام يزدادون قوة واستيلاء على بلاد المسلمين وبالخصوص في المغرب، الذي كان فيه الشيخ التجاني فقد بلغت فيه الدولة المغربية أسفل سافلي، تكالب أعداء الإسلام من الخارج والفتن والثورات في الداخل فما أقل الشبه، بين زمان النور وزمان الظلام، وكان المغرب قد بدأ في الضعف والانحطاط من القرن الثامن الهجري حين بدأت الطرائق يكثر انتشارها، ويستولي شيوخها الجهال على عقول العامة، وقد كان المغرب قبل ذلك قاهرا لأعدائه، يغزوهم في عقر دارهم، وراياته منصورة، وأيامه في أعدائه مشهورة، فكان مستوليا على أكثر البلاد الإسبانية، فما زال يفقد أقاليمها واحدا

<<  <   >  >>