للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقمان: اختر إن شئت فسر بالليل وأسير أنا في النهار، وإن شئت فأقم بالنهار وأسير أنا بالليل، فاختار لقيم أن يسير بالليل ويقيم بالنهار، واختار لقمان أن يسير بالنهار، فأخذ لقيم حصّته من الإبل، فجعل إذا كان بالنهار رعى إبله ونام، حتى إذا كان بالليل سار بابله ليله حتى يصبح، وكان يرعاها بالنهار ويسير بالليل، وكان لقمان يسير بالنهار فتشغل ابله بالرعية عن السير وينام الليل، فجعلت إبله لا ترعى كثيرا فضمرت، وأبطأ في السير فسبقه لقيم، فلما أتى أهله نحر جزورا فأكلوها، وكان للقمان ابنة يقال لها صحر، فخبأت له من الجزور لحما تتحف به لقمان إذا جاء، فلما جاء لقمان طبخته أو شوته، ثم استقبلته به قبل أن ينتهي إلى الحيّ، فلما طعم من اللحم قال: ما هذا؟ قالت: من لحوم العريضات أثرا، قال: ومن أين لك هذا؟ قالت: جاء لقيم فنحر جزورا، وكان لقمان يحسب أنه قد سبق لقيما، فلما أخبرته أسف، فلطمها لطمة قال بعض من يحدّث: ماتت منها، وقال بعضهم: القى اضراسها، وقال الناس: ذنب صحر أنها اتحفته وأكرمته وصدقته فلطمها «١» ، فصارت مثلا.

وقال خفاف بن ندبة السلمي «٢» :

وعباس يدبّ لي المنايا ... وما أذنبت إلا ذنب صحر

وكيف يلومني في حبّ قوم ... أبي منهم وأمي أمّ عمرو

وزعموا أن لقمان بن عاد كان إذا اشتد الشتاء وكلب أشدّ ما يكون [شدّ] راحلة موطنة «٣» لا ترغو ولا يسمع لها صوت فيشتدّها برحلها ثم يقول للناس، حين يكاد البرد يقتلهم: ألا من كان غازيا فليغز «٤» ، فلما شبّ لقيم ابن أخته اتخذ راحلة مثل راحلته فوطنها «٥» ، فلما كان حين نادى لقمان: من كان غازيا فليغز قال لقيم: أنا معك إذا شئت، فلما رآه قد شدّ رحلها ولم يسمع لها رغاء قال لقمان: كأن برحل باتت «٦» ، قال

<<  <   >  >>