للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنها الإبل حملن فأثقلن «١» ، وزجرن «٢» فأعنقن، وبغير ذلك اقلعن «٣» ، بغزرهن «٤» إذا قظن. فلما لم يبيعاه الإبل ولم يشتريا منه الغنم جعل يراودهما، وكانا يهابانه، وكان يلتمس أن يغفلا فيشدّ على الإبل فيطرها فلما كان ذات يوم أصابا أرنبا وهو يرصدهما رجاءة أن يصيب غفلتهما فيذهب بالإبل، فأخذ أحدهما صفيحة من الصفا فجعلها في أيديهما ثم جعل عليها كومة من التراب «٥» ، فملّا الأرنب، فلما أنضجاها نفضا عنها التراب فأكلاها «٦» ولما رآهما لقمان لا يغفلان عن إبلهما ولم يجد فيهما مطمعا لقيهما ومع كلّ واحد منهما جفير مملوء نبلا، وليس معه غير سهمين، فخدعهما فقال: ما تصنعان بهذه النبل الكثيرة التي معكما؟ إنما هي حطب، فو الله ما أحمل غير سهمين، فإن لم أصب بهما فلست بمصيب، ثم قال رميت فرميت، وأثنيت فأثنيت، إلى ذلك ما حيّ حيّ أو مات ميت «٧» ، فأرسلها مثلا.

فعمدا إلى نبلهما فنثراها غير سهمين، فعمد إلى النبل فحواها، فلم يصب لقمان فيهما بعد ذلك غرة.

وكانت فما يذكرون لعمرو بن تقن امرأة فطلقها فتزوجها لقمان، فكانت المرأة وهي عند لقمان تكثر أن تقول: لا فتى إلا عمرو «٨» فأرسلتها مثلا، فكان ذلك يغيظ لقمان ويسوؤه كثرة ذكرها عمرا فقال لقمان: قد أكثرت في عمرو، فو الله لأقتلنّ عمرا، فقالت: إنك لن تفعل «٩» ، وكانت لابني تقن سمرة عظيمة يستظلان فيها حتى ترد إبلهما فيسقياها، فصعد فيها لقمان، واتخذ فيها عشا، ورجا أن يصيب من ابني تقن غرة، فلما وردت الإبل تجّرد عمرو وأكبّ على البئر يستقي، فرماه لقمان من فوقه بسهم في ظهره، فقال: حس، إحدى حظيات لقمان «١٠» ثم أهوى إلى السهم فانتزعه، فرفع رأسه في الشجرة فإذا هو بلقمان، فقال: انزل، فنزل، فقال: استق بهذا الدلو، فزعموا أن لقمان لما أراد أن يرفع الدلو حين امتلأ نهض فضرط، فقال له عمرو بن تقن: أضرطا آخر اليوم وقد زال الظهر «١١» ، فأرسلها مثلا.

ثم إن عمرا أراد أن يقتل لقمان، فتبسم

<<  <   >  >>