للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى إذا كانوا بالدهناء في حمارّة القيظ عطشوا ومعهم شيء من ماء قليل إنما يشربونه بالحصى «١» فيقتسمونه، فشرب كلّ إنسان منهم بقدر تلك الحصاة، فشرب القوم حصّتهم، فلما أخذ كعب الإناء ليشرب نظر إليه شمر بن مالك النمري، فلما رآه كعب ينظر إليه ظن أنه عطشان، فقال: اسق أخاك النمريّ يصطبح «٢» ، فذهبت مثلا.

ثم ظعنوا وبالقوم مسكة غير كعب، فنزلوا فاقتسموا الماء، فلما بلغ كعبا نصيبه وأدركه الموت نظر إليه النمريّ فقال: اسق أخاك النمريّ يصطبح، فشرب النمري نصيبه، وأدركه الموت فنزل فاكتن في أصل شجرة فقيل له: إنا نرد الماء غدا فرد كعب إنك ورّاد «٣» فأرسلها مثلا، وقال الفرزدق «٤» :

وكنّا كأصحاب ابن مامة إذ سقى ... أخا النمر العطشان يوم الضجاعم

إذا قال كعب هل رويت ابن قاسط ... يقول له زدنى بلال الحلاقم

وكنت ككعب غير أنّ منيتي ... تأخر عني يومها بالأخارم

وقال مامة بن عمرو «٥» :

أوفى على الماء كعب ثم قيل له ... رد كعب إنك ورّاد فما وردا

ما كان من سوقة أسقى على ظمإ ... خمرا بماء إذا ناجودها بردا «٦»

من ابن مامة كعب ثم عيّ به ... زوّ المنية إلا حرّة وقدا

أي لم تهتد المنية إلى قتله إلا بالعطش.

وقال أبو كعب:

أمن عطش الدهنا وقلة مائها ... بقايا النطاف لا يكلمني كعب

فلو أنني لا قيت كعبا مكسرا ... بأنقاء وهب حيث ركّبها وهب

لآسيت كعبا في الحياة التي ترى ... فعشنا جميعا أو لكان لنا شرب

[١١٢- عش رجبا تر عجبا.]

زعموا أن الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة طلق بعض نسائه بعد ما اسن وخرف، فخلف عليها من بعده رجل كانت تظهر له من الوجد به ما لم تكن تظهره للحارث بن عباد، فلقي زوجها الحارث بن عباد فأخبره بمنزلته منها، فقال له الحارث: عش رجبا تر

<<  <   >  >>