للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها توفي الكاشغري إبراهيم بن عثمان الزركشي ببغداد، سمع من جماعة ورحل إليه الطلبة من الآفاق والجهات، وكان اخرمن بقي بينه وبين الإمام مالك خمسة أنفس ثقات، وتولى مشيخة المستنصرية.

وفيها توفي الشيخ أبو محمد بن أبي الحسن بن منصور الدمشقي الصوفي ولد بقرية تستر من حوران، ونشأ بدمشق، وتعلم بها نسج العتابي، ثم تصرف وعظم أمره، وكثر أتباعه، وأقبل على سماعات الصوفية، وبالغ فيما يتعاطونه من ذلك، فمن يحسن به الظن يقول: هو صادق صاحب حال. أو تمكين ووصال ومن يسيء به الظن يرميه بالزندقة الضلال.

قلت: هذا معنى ما أشار إليه الذهبي، وميله فيه إلى ما ذكرت من الوصف الأخير كما هو مذهب أكثر الفقهاء الطعن في كثير من المشائخ، فإنه قال: ومن خيرأمره نسبه إلى الفضل والكمال، ومن قبح أمره رماه بالكفر والضلال، ثم قال: وهو أحد من لا يقطع عليه بجنة ولا نار، فإنا لا نعلم بما ختم له. لكنه توفي في يوم شريف يوم الجمعة قبل العصر السادس والعشرين من شهر رمضان، وقد نيف على التسعين. مات فجأة انتهى كلامه، وفيه من التشكك ما فيه من تغليب التكفير، وأما عدم القطع المذكور، فليس يخرج منه أحد سوى الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين، ومن شهد له بذلك، ولم يزل الفقراء يذكرون عن الشيخ المذكور عجائب من الكرامات والتجريبات.

وفيها توفي أبو علي عمر بن محمد الأزدي الأندلسي الاشبيلي النحوي أحد من انتهت إليه معرفة العربية في زمانه، وكان بحراً لا يجارى وحبرًا لا يبارى تصدر لإقراء النحو نحواً من ستين عاماً، وصنف التصانيف سمع من جماعة من الشيوخ وأجاز له السلفي، وأخذ النحو عن غير واحد من النحاة.

قال ابن خلكان: ولقد رأيت جماعة من أصحابه كلهم فضلاء، وكلهم يقول: ما تقاصر الشيخ أبو علي المذكور عن الشيخ أبي علي الفارسي، قالوا: وفيه مع هذه الفضيلة غفلة وصورة بله في الصورة الظاهرة، حتى قالوا: إنه كان يومًا على جانب نهر وبيده كراريس، فوقعت منه كراسة في الماء وبعدت عنه، فلم يصل يده إليها فأخذ كراسةأخرى وجذبها فتلفت أخرىبالماء، وكان له مثل هذه الأشياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>