للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لبس السواد، وجعل يقتل كل من اتهمه أو يحبسه، وكان بالكوفة ابن عامر يبايع لإبراهيم سراً وتهاون متولي البصرة في أمر إبراهيم حتى اتسع الخرق وخرج أول ليلة من رمضان، وتحصن منه متولي البصرة، وأقبل الخلق إلى إبراهيم ما بين ناصر وناظر، ونزل متوليها بالأمان، ووجد إبراهيم في الحواصل ست مائة ألف ففرقها بين أصحابه خمسين خمسين، وبعث عاملاً إلى الأهواز ليفتحها، وبعث آخر إلى فارس، وآخر إلى واسط، فجهز المنصور لحربه خمسة آلاف، ثم التقوا فكان بين الفريقين عدة وقعات، وقتل خلق من أهل البصرة وواسط، وبقي إبراهيم سائر رمضان يفرق العمال على البلدان ليخرج على المنصور من كل جهة، فأتاه مصرع أخيه بالمدينة قبل الفطر بثلاث، فعيد الناس وهم يرون فيه الانكسار، وكان المنصور في جمع يسير وعامة جيوشه في النواحي، فالتزم بعد ذلك أن لا يفارقه ثلاثون ألفاً، فلم يبرح إلى أن رد من المدينة عيسى بن موسى، فوجهه إلى إبراهيم، ومكث المنصور لا يقر له قرار، وجهز العساكر ولم يأو إلى فراش خمسين ليلة، وكان كل يوم يأتيه فتق من ناحية هذا ومائة ألف سيف كامنة له بالكوفة، قالوا: ولولا السعادة لسل عرشه بدون ذلك إلى أن هدم عزه وذهث وهو بالمثلثة، وكان مع ذلك صقراً أحوذياً مشمراً ذا عزم ودهاء.

وعن داود بن جعفر قال: احصى ديوان إبراهيم بالبصرة فبلغوا مائة ألف، وقال غيره: بل قام معه عشرة آلاف، فلو هجم الكوفة لظفر بالمنصور، ولكنه كان فيه دين، قال: اخاف إن هجمتها أن يستباح الصغير والكبير، فقيل له: فخرجت على مثل المنصور، وتتوقى قتل الصغير والكبير، وكان أصحابه مع قلة رأيه يختلفون عليه، وكل يشير برأي، إلى أن التقى الجمعان على يومين من الكوفة، فاشتد الحرب وظهر أصحاب إبراهيم، وكان على مقدمة جيوش المنصور حميد بن قحطبة فانهزم، وجعل عيسى بن موسى يثبت الناس، وقد بقي في مائة من حاشية، فأشاروا عليه بالفرار، فقال: لا أزول حتى أظفر أو أقتل، وكان يضرب المثل بشجاعته، ثم دار أبناء سليمان بن علي في طائفة، وجاءوا من وراء إبراهيم، وحملوا على عسكره، قال عيسى لولا أبناء سليمان لافتضحنا، ومن صنع الله عز وجل أن أصحابنا انهزموا فاعترض لهم نهر ولم يجدوا مخاضة، فرجعوا، فوقعت الهزيمة على أصحاب إبرأهيم حتى بقي في سبعين، وأقبل حميد بن قحطبة فحمل بأصحابه واشتد القتال حتى تفانى خلق تحت السيف طول النهار، وجاء سهم غرب لا يدرى من رمى به في حلق إبراهيم، فأنزلوه وهو يقول وكان أمر الله قدراً مقدوراً أردنا أمراً وأراد الله غيره، واجتمع

<<  <  ج: ص:  >  >>