للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمال، وأما النصارى فيزوجون للجمال، وأما هذه الأمة فيزوجون للدين، يعني الأخيارمنهم الدينين قلت والى هذه الأربع الخصال أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله " تنكح المرأة لأربع " وذكرها ثم قال: " فاظفر بذات الدين " الحديث الصحيح، فلما سمع منه ذلك أعجبه عقله، فقال لأمها: والله ما لها زوج غيره، فزوجها منه، فجاءت له بهذه الدرة الفاخرة المشتملة على نفائس المحاسن الباطنة والظاهرة، وفي شيء من مناقبه المشتملة على فضائله ومحاسنه في ظاهره وباطنه، كتاب مستقل لبعض العلماء، وإلى وصفه الحسن أشار القائل وصدق وأحسن:

إذا سار عبد الله من مرو ليلة ... فقد سار عنها نورها وجمالها

وقد تتبع أصحابه ما ظهر لهم من مناقبه، فبلغت خمساً وعشرين من العلوم والصلاح والكرم والشجاعة في سبيل الله وحسن الخلق والعبادة والنجابة والفصاحة وحسن اللفظ في النثر والنظم. ومن شجاعته وصلاح سريرته ما روي عنه: خرج مرةً في بعض الغزوات، فبرز بعض العلوج ودعا المسلمين إلى المبارزة، فخرج إليه جماعة من المسلمين واحد بعد واحد، فقتل الجميع، فبرز إليه إنسان مثلهم، فقتل ذلك العلج، قال الراوي: فدنوت منه وتأملته، فإذا هو ابن المبارك، رضي الله عنه. ومن كرمه وشفقته على إخوانه وحسن صحبته ما اشتهر عنه أنه كان إذا أراد الحج يأتيه اخوانه، ويكلمونه في الصحبة، فينعم لهم، ويقول هاتوا ما أعددتم لذلك من النفقة، فاذا أتوه بها قبضها وكتب على كل نفقة اسم صاحبها، وأقفل على الجميع في صندوق، ثم يحج بهم وينفق عليهم ذهاباً وإياباً من أطيب الأطعمة، ويشتري لهم الهدية من مكة والمدينة، زادهما الله شرفاً، ثم إذا وصل إلى الموطن صنع لهم طعاماً نفيساً، ومد سماطاً عظيماً، قيل عد ما في سماط له من جفان الفالوذج وحده فبلغت خمساً وعشرين جفنة، ثم يناديهم من شاء الله من الفقراء والصلحاء فإذا فرغوا من. أكل الطعام جمع إخوانه الذين حجوا معه، فكساهم لباساً جديداً، ثم استدعى بالصندوق ففتحه، ورد إلى كل واحد منهم نفقته التي عليها اسمه. قلت وهذا مختصر ما روي في ذلك، معنى القصة إن لم يكن لفظ جميعه والفالوذج بالفاء والذال المعجمة وهو نوع من الحلواء ويحتمل أنه الخبيصة قال في الصحاح وقيل الأعرابي أتعرف الفالوذج قال اصفر رعديد. وذكر الجوهري أن الرعديد الرخص ويقال ذلك للمرأة الرخصة ويقال أيضاً للجبان

<<  <  ج: ص:  >  >>