للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واستحسان الإمام أحمد كلامه، ومدحه له. وإنما سمي الأصم، ولم يكن به صمم، لأن امرأة جاءت تكلمه في شيء، فسمع منها صوتاً، فخجلت، فقال: أسمعيني ما تقولين، فإني أصم، فذهب عنها ما بها نزل من شدة الخجل.

وفيها توفي وثيمة " بفتح الواو وكسر المثلثة وسكون المثناة من تحت وفتح الميم في أخره هاء " ابن موسى الوشاء الفارسي. كان يتخير في الوشي، وصنف كتاباً في أخبار الرقة وذكر فيه القبائل التي ارتدت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والسرايا التي سيرها أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، وصورة مقاتلتهم، وما جرى بينهم وبين المسلمين في ذلك، ومن عاد منهم إلى الإسلام، وقتال مانعي الزكاة، وما جرى لخالد بن الوليد المخزومي مع مالك بن نويرة اليربوعي أخي متمم بن نويرة الشاعر صاحب المراثي المشهورة في أخيه مالك، وصورة قتله، وما قاله متمم وغيره من الشعر في ذلك، وهو كتاب جيد يشتمل على فوائد كثيرة. وذكر الواقدي أنه صنف كتاباً في الردة أيضاً، أجاده في ذكر جماعة من أجلاء المؤرخين، وقالوا: كان يتخير في الوشي، وهو نوع من الثياب المعموله من الإبريسم، وبه عرف جماعة منها وثيمة المذكور، وإذا قد ذكرنا مالكاً وأخاه متمماً، فلنذكر نبذة مشتملة من خبرهما.

كان مالك المذكور رجلاً ثرثاً نبيلاً يردف الملوك والإرداف إردافان فإن ردف يركب بعدهم على مركوبهم، وردف بخلفهم في الحكم إذا قاموا من مجالسهم. ومالك المذكور هو الذي يضرب به المثل، فيقال: مرعى ولا كالسعدان، وماء ولا كصداء، وفتى ولا كمالك. كان فارساً شاعراً مطاعاً في قومه، وكان فيه خيلاء وتقدم ذاملة كبيرة، وكان يقال له الحفول، قدم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوم من العرب، وأسلم فولاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم صدقة قومه.

ولما ارتدت العرب بعد موته عليه السلام بمنع الزكاة، كان مالك المذكور في جملتهم، ولما خرج خالد بن الوليد لقتالهم في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه، نزل على مالك وهو يقدم قومه بني يربوع وقد أخذ مركوبهم، وتصرف فيها، فكلمه خالد في فقال: أنا آتي الصلاة دون الزكاة، فقال له خالد: أما علمت: الصلاة والزكاة معاً، لا يلب واحد دون أخرى؟. فقال مالك: قد كان صاحبك يقول ذلك، قال خالد: وما تراه لا صاحباً، والله لقد هممت أن أضرب عنقك، ثم تحاولا في الكلام طويلاً، فقال له خالد إني قاتلك، قال أو بذلك أمرك صاحبك. قال: وهذه بعد تلك، والله لأقتلنك.

<<  <  ج: ص:  >  >>