للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعمره ست وقيل ثمان وثلاثون سنه، وفضائله مشهوره.

ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم والله: " إني لأحبك يا معاذ " ومنها أنه بعثه صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن قاضياً، وقال له " بم تقضي؟ " قال: بكتاب الله. قال: " فإن لم نجد؟ " قال: بسنة رسول الله. قال: " فإن لم نجد؟ " قال: اجتهد برأيي. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضاه رسول الله " ومعلوم أنه لا يبعث صلى الله عليه وآله وسلم قاضياً إلا عالماً أميناً، ويكفيك في علمه أنه بين طرق الأحكام فأجاد. قلت فإن قيل: ومن طرق الأحكام أيضاً الإجماع ولم يذكره معاذ فالجواب إن حكم الإجماع متعذر مع بقائه صلى الله عليه وآله وسلم ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: " وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ " الحديث ومنها أنه من الأربعة الذين جمعوا القرآن من الخزرج، وذكر بعض المؤرخين أنه لا خلاف أنه الذي بنى مسجد الجند. وفي السنة المذكورة توفي يزيد بن أبي سفيان بن حرب الأموي. وأبو جندل بن سهيل. وأبوه سهيل بن عمر والقرشي العامري كان من رؤوس قريش وخطبائها البلغاء الفصحاء، موصوفاً بالحلم والعقل، قام بمكة يوم مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تسكين الناس، مثل ما قام أبو بكر في المدينة بعدما خاف أمير مكة عتاب بن أسيد وتعب، ولعل هذا المقام الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله لعمر لعله يقوم مقاماً تحمده عليه، لما قال له عمر: دعني أكسر ثناياه حتى لا يقوم عليك خطيباً بعدها في قريش، بقوله في منصرفهم من بدر بأسرى قريش وهو فيهم. قلت ومن عقله وحلمه ما ذكر أهل السير أنه قدم المدينة في جماعة من شيوخ قريش، منهم أبو سفيان بن حرب. فاستأذنوا على عمر، فلم يأذن لهم، واستأذن عليه أناس من فقراء المسلمين وضعفائهم، فأذن لهم، فقال أبو سفيان، يا معشر قريش: ما رأيت كاليوم عجباً، انه ليؤذن لهؤلاء المساكين، او قال الموالي فيلجون، وكبار قريش في الباب تسقى في وجوههم الريح التراب، ولا يلتفت إليهم، فقام سهيل بن عمرو وقال: تالله إني لأرى ما في وجوهكم من الغضب، فإن كنتم ولا بد غاضبين فاغضبوا على أنفسكم، فإن الله تعالى دعا هؤلاء فأسرعوا، ودعاكم فأبطأ ثم، والله إن الذي سبقوكم فيه، من الخير خير من الذي تنافسون فيه في هذا الباب، ولا أرى لأحد منكم أن يلحق بهم إلا أن يخرج إلى هذا الوجه من الجهاد، لعل الله تعالى يرزقه الشهادة، ثم ركب وسافر إلى الشام ليجاهد مع من فيه من المسلمين، قال الحسن البصري: بعد كلامه في هذه القضية: لله دره ما أعقله!.

<<  <  ج: ص:  >  >>