للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعالجه، وأنظر في تقويه الحرارة الغريزية، وبها يكون النوم، فلما عولج بما يطفئها علمت أنه قد مات، ثم دفن بالمهدية.

[اثنتين وأربعين وثلاث مائة]

فيها توفي العلامة أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب، شيخ الشافعية بنيسابور سمع بخراسان والعراق والحجاز والجبال، فأكثر وبرع في الحديث، وأفتى نيفاً وخمسين سنة، وصنف الكتب الكبار في الفقه والحديث، قال محمد بن حمدون: صحبته عدة سنين فما ترك قيام الليل، وقال الحاكم: كان يضرب المثل بعقله ورأيه، وما رأيت في جميع مشايخنا أحسن صلاة منه، وكان لا يدع أحداً يغتاب في مجلسه.

وفيها توفي الشيخ الكبير إبراهيم بن أحمد الرقي الواعظ، شيخ الصوفية أخذ عن الجماعة وجنيد.

وفيها توفي أبو القاسم علي بن محمد التنوخي القاضي الحنفي، وكان من أذكياء العالم، راوية الأشعار، عارفاً بالكلام والنحو، وله ديوان شعر، ويقال أنه حفظ ستمائة بيت في يوم وليلة.

وفيها توفي الناشىء الأصغر: علي بن عبد الله بن وصيف الشاعر المشهور. " كان متكلماً بارعاً، وهو من كبار الشيعة، وله تصانيف عديدة وأشعار حميدة، منها قوله:

إني ليهجرني الصديق تجنباً ... فأريه أن لهجره أسبابا

وأخاف إن عاتبته أغريته ... فأري له ترك العتاب عتابا

وإذا بليت بجاهل متغافل ... يدعو المحال من الأمور صوابا

أوليته مني السكوت وربما ... كان السكوت عن الجواب جوابا

وقوله:

إذا أنا عاتبت الملوك فإنما ... أخط بأقلام على الماء أحرفا

وهبه ارعوى بعد العتاب، ألم تكن ... مودته طبعاً فصار تكلفا

وكان المتنبي وهو صبي يحضر مجلسه في الكوفة، وكتب من إملائه من قصيدة له:

كأن سنان ذابله ضمير ... فليس عن القلوب له ذهاب

وصارمه كبيعتة لحم ... مقاصدها من الخلق الرقاب

<<  <  ج: ص:  >  >>