للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا لم يكن للمرء عندك حيلة ... ولم تجد شيئاً سوى الصبر فاصبر

فقال الفتى:

ولولا قعود الدهر بي عنك لم يكن ... يفرقنا شيء سوى الموت فاعذري

أبوء بحزن من فراقك موجع ... أناجي به قلباً طويل التفكر

عليك سلام لا زيارة بيننا ... ولا وصل إلا أن يشاء ابن معمر

فقال عبيد الله ورق لهما خذ بيدها، وانصرفا راشدين، والمال الذي نقدته في ثمنها أنفقه عليها، والله لا أخذت منه درهماً، او قال شيئاً قال ومات ابنه عمر بالشام في موضع يقال له ضمير بضم الضاد المعجمة، قيل الراء مثناة، رثاه الفرزدق بأبيات أولها.

يا أيها الناس لا تبكوا على أحد ... بعد الذي بضمير وافق القدرا

كانت يداه لكم سيفاً يعاذ به ... من العدو وغيثاً ينبت الشجرا

أتى قريش أبو حفص فقد رزيت ... بالشام أو فارقتك الناس والظفرا

وفي السنة المذكورة توفي مقر الفضائل والسعود عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه ومن مناقبه رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " خذوا القرآن عن أربعة وذكر منهم ابن مسعود ". ومنها أنه كان هو وأمه من رآهما حسب أنهما من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كثرة دخولهما ولزومهما له، ومنها إنه كان عالماً بكتاب الله، قال ولقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إني أعلمهم بكتاب الله، ولو أعلم أن أحداً أعلم مني لرحلت إليه. قال الراوي: فجلست في حلق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فما سمعت أحداً يرد ذلك عليه ولا يعيبه.

قال العلماء وفي هذا دليل بجواز ذكر الإنسان بنفسه بالفضيلة والعلم ونحوه للحاجة، ومناقبه كثيرة شهيرة وهو الذي جز رأس أبي جهل يوم بدر بعد ما أثخنته الجراح من الأنصاريين، ولم يبق فيه إلا الرمق. وروي أن أبا جهل قال لما أراد أن يجز رأسه: لقد رقيت مرقى صعباً يا رويغى الغنم وكان رضي الله عنه مفتياً مرجوعاً إليه في المشكلات، بالاتفاق بين علماء الحجاز والشام والعراق، وهو الذي أشار إليه بعض الصحابة: لا تسألوني عن شيء، ما دام هذا الحبر بين أظهركم.

وفي السنة المذكورة توفي أبو الدرداء عويمر بن زيد وقيل ابن عبيد الله الأنصاري

<<  <  ج: ص:  >  >>