للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الديوان، غضبا عليه في شأن عمر بن عبد العزيز، فلما بعث سليمان في ذلك أرجف به [١] أهل المدينة، فبلغه، فصعد المنبر فتشهد ثم قال: يا أهل المدينة، قد بلغني قولكم، فلم يعزلني أمير المؤمنين، فو الله لأنا الكبير من الصغر، والصغير من الكبر، قال: ونزل فطرقه رسول العامل من الليل، فأوثقه، فقال والقيد يشدّ في رجله: [المديد]

لا يغرّنك عشاء صالح ... قد توافي بالمنيات السّحر

قال خالد، قلت للشعبي، لم غضب عليه سليمان في شأن عمر؟ [٢] قال: بينما عمر عند الوليد بن عبد الملك، وعنده عبّاد بن زياد بن أبيه [٣] ، إذ جاء كتاب عثمان بن حيان: «أما بعد، فأني أخبر أمير المؤمنين، أنّ عمر بن عبد العزيز، كان أوقع في قلوب أهل المدينة رأي الخوارج، وإني لم أزل أداري ذلك منهم، حتى سلمت صدورهم، وصحت نصيحتهم والسلام» ، فقال عباد بن زياد: يا أمير المؤمنين، صدق ابن حيان، إن الله خلط النصيحة لأمير المؤمنين بلحم ابن حيان ودمه، قال: فنظر عمر بن عبد العزيز إلى عبّاد، وقال للوليد: يا أمير المؤمنين، إن الله حمل مع نوح في السفينة من كل زوجين اثنين، إلا ولد الزنى، فإنه لم يكن فيمن حمل، قال: فغضب الوليد وقال:

والله ما تزال ترمي بالكلمة تسوؤني بها، مرة في الحجاج، ومرة في عبّاد، والله لقد [٤١ و] هممت بك، فقام عمر وقال: بم تخوفني، فو الله إنّ الله لمانعك من ظلمي، فأطرق الوليد، ولم تزل في نفس سليمان على ابن حيّان حتى صنع به ما صنع.


- المدينة سنة ٩٣ هـ، وكان في سيرته عنف، فعزله سليمان بن عبد الملك، توفي سنة ١٥٠ (٢) هـ، (تهذيب التهذيب ٧/١١٣، خلاصة تهذيب الكمال ٢ ٢١٩) .
[١] أرجف: أرجف القوم خاضوا في الأخبار السيئة وذكر الفتن، والإرجاف: الخبر الكاذب المثير للفتن والاضطراب.
[٢] عمر: هو عمر بن عبد العزيز الخليفة العادل، توفي سنة ١٠١ هـ.
[٣] عباد بن زياد بن أبيه: أمير، كانت إقامته بالبصرة، ولاه معاوية سجستان سنة ٥٣ هـ، فغزا بلاد الهند وكان في الشام أيام عبد الملك بن مروان، توفي سنة ١٠٠ هـ.
(تهذيب التهذيب ٥/٩٣، ميزان الاعتدال ٢/٩، العقد الفريد ٥/٨) .

<<  <   >  >>