للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعله فيهم، غزاهم عمرو بن هند فأحمى لهم الصّفا [١] ومشّاهم عليه، فندب غلام من بني طهيّة ليمشي على الصفا، فأقبلت أمّه وقد قطعت ثدييها فألقتهما إليه وقالت: وقّ بثديي قدمك، ليت يجدي ألمك، ثم أنشأت تقول: [الكامل]

أبنيّ لو قبل الفداء لجدت بال ... كبد التي أضحت عليك تقطّع

يا ليت لذع النار باشر مقلتي ... أو ليت قلبي دون رجلك تلذع

فرقّ لها الملك، فوهب لها من بقي من قومها، ورفع عنهم العذاب.

[[ندم المخبل السعدي]]

قال: بينما المخبّل السعدي [٢] يسير في عشيّة من عشاياه، إذ أدركه الليل عند قبّة ضخمة، فنزل فأكرم وذبح له، فبات بليلة نعيم، وغدا على مثل ذلك، فلما أراد أن يرتحل سأل عن صاحب القبّة وقال: والله لقد أكرمتموني وأحسنتم وأجملتم في القرى، ولا بدّ والله من أن أعرف صاحب هذا البيت، فكلّمته خليدة [٦٣ و] من خلف السّتر، فقالت: أنا رهوى، فقال: ومن سمّاك رهوى؟ [٣] قالت: أنت سميتني رهوى، فعرف فاستحيا، وقال: واسوأتاه، قد كان بيني وبين أخيك ما يكون بين الرجال، فجهدت عليه، وعليّ والله لا أعود بعدها أبدا، وأنا استغفر الله، وقال: [٤] [الطويل]


- واحد منهم قتل ابنه الصغير سعدا، اشتهر عمرو في وقائعه مع الروم والغسانيين، وهو صاحب صحيفة المتلمس، وقاتل طرفة بن العبد الشاعر، كان كثير الفتك وهابته العرب، قتله عمرو بن كلثوم الشاعر صاحب المعلقة سنة ٤٥ ق هـ/ ٥٧٨ م.
(تاريخ ابن الأثير ١/١٥٤، ١٤٧، ابن خلدون ٢/٢٦٥، العرب قبل الإسلام ص ٢٠٨) .
[١] الصفا: جمع الصفاة، الحجر العريض الأملس، ومنه الصفا والمروة.
[٢] المخبل السعدي: ربيع (أبو ربيعة) بن مالك بن ربيعة السعدي، من بني أنف الناقة من تميم، شاعر فحل من مخضرمي الجاهلية والإسلام، هاجر إلى البصرة، وعمر طويلا، له شعر كثير، عده ابن سلام من شعراء الطبقة الخامسة من الجاهلين، مات في خلافة عمر، أو عثمان. (الشعر والشعراء ١٥٩، الأغاني ١٢/٣٨- ٤٢، خزانة الأدب ٢/٥٣٥- ٥٣٦، طبقات الشعراء ١٤٩، المفضليات ص ٢١) .
[٣] معنى الرهوى: الواسعة، وهي كلمة شتم.
[٤] البيتان في الأغاني ١٣/٢١٨، والشعر والشعراء ص ٤٢٠، وخزانة الأدب ٢/٥٣٦، والمخصص ٤/١٢.

<<  <   >  >>