للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكتب باشخاصه، فدخل عليه مقيّدا، فقال له: يا مخيس أنت الذي تقول:

أصبحت بعد القرطق الخزيّ. فقلت: وتمامه:

مسودا في طاعة المهديّ قال: وما شاهدك؟ قال: ونظرت إلى القوافي بين عينيّ، وكأنها اليعاسيب [١] ، فقلت: [الرجز]

الآن قرّ الملك في مقرّه ... وابتسم العابس عن مفترّه

وسكنت هامة مقشعرّه ... إلى بني العباس أهل سرّه

ومهمه ظعنت في مغبرّه ... وقد دجا الليل بمكفهرّه

بناعج ينفخ ثنيي زرّه ... كأنه في مرّه وكرّه [٢]

قدح أدارته يدا مدّرّه ... إلى الإمام عمّنا ببرّه

فقال لي احتكم، فقلت: يا أمير المؤمنين، قضاء ديني، قال: هو لك، وكم هو؟ قلت سبعون ألفا، قال: وذكرت أن مروان بن أبي حفصة [٣] أخذ مئة ألف وألفا، فوجدتها وقرة [٤] في قلبي، فقلت: يا أمير المؤمنين: وكذا وكذا من كسوة وغيرها، حتى جاوزته، فأعطيت ذلك، وكانت عيني عن اليمامة [٥] سبعا وعشرين ليلة، حتى رجعت بالمال والفوائد.


[١] اليعاسيب: النحل، واحدها يعسوب.
[٢] الناعج: الأبيض الخالص، صفة للمها والإبل، وأراد الإبل هنا.
[٣] مروان بن أبي حفصة: مروان بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة يزيد، شاعر عالي الطبقة، نشأ مروان باليمامة، وأدرك زمنا من العصر العباسي، فقدم بغداد ومدح المهدي والرشيد ومعن بن زائدة، وجمع من الجوائز والهبات ثروة واسعة، وكان يتقرب إلى الرشيد بهجاء العلوية، توفي ببغداد سنة ١٨٢ هـ. (وفيات الأعيان ٢/٨٩، معجم الشعراء ص ٣٩٦، الشعر والشعراء ص ٢٩٥، تاريخ بغداد ١٣/١٤٢، الأغاني ٩/٣٤- ٤٧، أمالي المرتضى ٢/١٥٥)
[٤] الوقرة: الأثر والصدع، أراد: ألألم والغيظ من شدة الحسد.
[٥] اليمامة: معدودة من نجد، وقاعدتها حجر، وتسمى اليمامة جوّا والعروض، بينها وبين البحرين عشرة أيام، فتحت في أيام أبي بكر الصديق سنة ١٢ هـ، فتحها خالد بن الوليد، وقتل مسيلمة الكذاب. (ياقوت: اليمامة)

<<  <   >  >>