للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروي: (وكان القصاص) ، وإنما لم يجز الجمع بين الساكنين إلا فيما ذكرناه، لأنّ الفطرة تمنع من الوقوف على متحرك، والابتداء بساكن، فلو جمعنا بينهما لوقفنا على الساكن الذي توجبه الفطرة، وابتدأنا بالساكن الذي تمنع منه الفطرة، فوجب من ذاك الحذف مع الواو والياء والألف، والتحريك مع ما عدا ذلك لاستثقال الحركات في حروف المدّ واللّين.

ومن حكم الساكنين إذا وجب التحريك أو الحذف، أن يكون بالأول، لأن ذلك سبب إلى النطق بما بعده، إلا أن يمنع من ذلك مانع، نحو:

رجلان، ومسلمون، لم يجب معه الحذف للإخلال [١٠٦ و] بالمعنى، وكان التحريك نحو: قامت المرأة، والحذف نحو: لم يقم [١] زيد.

ومن حكم الساكنين إذا وجب التحريك أن يكون الكسر، إلا أنّ بعض ما يمنع من ذلك من استثقال، نحو فتحة (كيف) و (أين) للياء قبلهما، وقد جاء الكسر في مثل هذا، وهو قليل، قالوا: (جير لأفعلنّ) ووقع في (حيص) على لغة من كسر، واستحباب الحركة ما قبلها، نحو فتحة النون في (الآن) للألف التي قبلها، وإنما وجب الكسر لأنّ الضم والفتح قد يكونا إعرابا بلا اقتران التنوين معهما، وذلك فيما لا ينصرف، ولا يكون الكسر إعرابا، إلا والتنوين يصحبه، فوجب الكسر ليعلم أنّه حركة بناء لا حركة إعراب، وسيبويه يلقب حركات البناء بغير تلقيب حركات الإعراب، ليفرق بينهما، ويلقّب حركة التقاء الساكنين بالكسر ليعلم البناء دون الإعراب. وفيه قول آخر؛ وهو أن الجزم في الأفعال نظير الخفض في الأسماء، لاختصاص كل واحد منهما في بابه، والضمّ والفتح يشتركان في الأسماء والأفعال، فلما احتيج إلى حركة، كان الأولى الحمل على حركة النظير، وكذلك تعمل العرب في القوافي المخفوضة [٢] إذا وقع معها مجزوم أو ساكن، كقوله: لم يعقد، وكأن قد [٣] .


[١] أصلها يقوم: الواو ساكنة والميم ساكنة فحذفت الواو.
[٢] في الأصل: (المحفوظة) وهما.
[٣] أي تصبح القافية محركة بالكسر: لم يقعد، وكأن قد.
المجموع اللفيف* ١٠

<<  <   >  >>