للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسلم، نصّ على رجل بعينه بالإمامة؟ فقال لي: إجماع الأمّة، فقلت: وعلى ما أجمعت الأمة، فقال: أجمعت الأمة لا خلاف بينها أنّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، كان إذا عرض له أمران، يريد أن يوقع أحدهما بدلا من صاحبه، لم يوقع منهما إلا أحسنهما وأجملهما، وأوفاهما وأكملهما، فهذا اجماع كما تري، وعقد بخنصره واحدا، ثم قال: وأجمعت الأمة على أنّ ما أجمع على أحسنه أحسن مما اختلف في حسنه، وعقد اثنتين، ثم قال:

واختلفت الأمة فقالت طائفة أنّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله نصّ على رجل، وأنّ النص حسن مفروض فعله، وأنّ الاهمال قبح لا يجوز منه كونه [١٠٩ و] ، وقالت طائفة أخرى: لم ينصص، ولو نصّ لكان النصّ حسنا جميلا، وأجمعت الطائفتان على حسن النص، واختلفت في قبح التّرك، وقد قدّمنا على أنّ ما أجمع على حسنه أحسن مما اختلف في حسنه، فواجب أن يكون فعله صلى الله عليه ما أجمع على حسنه، كما أجمعنا عليه.

قال: فعجبت من هذا وكتبته بخطّي، ولم تمض إلا سواد تلك الليلة، حتى ورد إلينا أبو الحسن سهل بن عبد السلام رحمه الله في غدها، فاستأذن، كما رأى أبي رضي الله عنه في المنام، فدخل فجلس مجلسه الذي [١] رآه فيه، فقصّ عليه المنام الذي رآه، فطفق يتعجّب من ذلك، واقشعرّ بدنه وقفّ شعره [٢] ، وقال: هذا والله دليل لي لم يسبقني إليه أحد، أسمّيه دليل الإجماعات، وزاد فيه عند قوله: يريد أن يوقع أحدهما بدلا من صاحبه في وقت واحد، والذي يوقعه ضدّ للذي يدعه، فكأنّ هذا تمام الدليل.

[[مناظرة مع يهودي]]

ونقلت أيضا من خطّه رحمّه الله: جرت بحضرتي في ميافارقين [٣] في


[١] في الأصل: (إلى رآه) وهو من سهو الناسخ.
[٢] قف شعره: تقبّض وقام من الفزع.
[٣] ميافارقين: أشهر مدينة بديار بكر، من أبنية الروم، لأنها في بلادهم، فتحت ميافارقين في زمن عمر بن الخطاب، فتحها عياض بن غنم بجيش كثيف. (ياقوت: ميافارقين)

<<  <   >  >>