للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهر رمضان من سنة ست وأربعمائة بين أبي سعد النيسابوري المتكلم الوارد في صحبة الأستاذ الفاضل أبي الحسن علي بن أحمد بن أبي خالد، أدام الله تأييده، وبين شيخ يهودي من أهل صور، متكلم ورد منتجعا اليهود بهذه البلدة، مناظرة في النسخ سمعا، فقال أبو سعد: هذا الذي تدّعي أنّ التوراة تدل عليه من تأييد الشريعة، أهو عام أم مستثنى منه [١٠٩ ظ] من لا عقل له؟

ومن قد مات فسقط التكليف عنه؟ قال: بل مستثنى منه هذان الصنفان، قال أبو سعد: فما تنكر أن يكون إذا تطرق عليه الحوض، وهو عام في الظاهر أن يكون مستثنى منه بجنس آخر، وهو ورود شريعة أخرى تنسخه، فقال موسى اليهودي: الصنفان اللذان استثنى بهما دل العقل على الاستثناء بهما، وأعيى ما في الفطرة من معرفتهما عن أن يقيّدا بالاستثناء ظاهر في اللفظ.

قال أبو سعد: وكذلك في الفطرة لا يجوز جمع الضدين، والجمع بين شريعة وشريعة أخرى، جمع بين ضدين، وهذا غير جائز في العقل، فكما كان في لفظ التأييد استثناء عقلي وإن لم تلفظ به، بالجنون والموت لدلالة العقل على سقوط التكليف عن صاحبها، فكذلك فيه استثناء عقلي بورود شريعة أخرى تنقضه لدلالة العقل على امتناع الجمع بين ضدين.

فأفحم اليهودي على بهته، وعلم أنّا قد اطلعنا من سرائر التوراة على ما سنفرد به رسالة نستعين عليها بأهل الخبرة، ونضمنها بعض التعليقات المهمّة.

هذا الكلام الأخير كلام الوزير رحمه الله.

[[خطبة القاضي ابن قريعة]]

خطبة خطبها القاضي أبو بكر ابن قريعة [١] رحمه الله، في دعوة لأبي


[١] أبو بكر ابن قريعة: محمد بن عبد الرحمن، أبو بكر ابن قريعة وهو لقب جده، قاض من أهل بغداد، اشتهر بسرعة البديهة في الجواب عن جميع ما يسأل عنه، ودونت (أجوبته) في كتاب أقبل الناس على تداوله، وفيها الظريف المضحك، كان مختصا بالوزير أبي محمد المهلبي، ولي قضاء (السندية) وغيرها من أعمال بغداد، توفي سنة ٣٦٧ هـ.
(تاريخ بغداد ٢/٣١٧، وفيات الأعيان ١/١٧، البداية والنهاية ١١/٢٩٢)

<<  <   >  >>