للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظلوم تسبّني ذكرت بخير ... وتزعم أنّني ملق خبيث

وأنّ مودّتي كذب وزر ... وأنّي للذي أهوى بثوث

وليس كذا ولا ردّا عليها ... ولكنّ الظلوم هو النكوث

رأت شغفي بها وشديد وجدي ... فملّتني كذا كان الحديث

قال لي أبي: وكان أبو سالم هذا قد اتفق أن حصل عند سيف الدولة رحمه الله، في بعض الضرورات التي دعته (إلى الا يتراج عن مر شيء عزّه) [١] ، فلم يدخله قط سيف الدولة إلى مجلسه، لأنه لم يؤثر إجلاسه معه على سريره حسبما يقتضيه مكانته من الملك، ولم ير نصب مرتبة ولا مطرح له على حدة [١٢٤ و] ، فكان لا يلقاه إلا على الطريق، فاذا لقيه خاطب سيف الدولة رحمه الله أبا سالم: يا أبا سالم، وخاطبه أبو سالم: أطال الله بقاء الأمير، وتسالما على ظهور دوابهما، وكان عند سيف الدولة من دقائق الأنف، ومن غوامض التّيه والكبر ما ليس عند مخلوق، ومن عجيب ذلك ما حدثني به أبي، قال: كان يمك غلام سيف الدولة رحمه الله التركي، الذي يقول فيه المتنبي: [٢] [الطويل]

وكنت إذا أبصرته لك قائما ... نظرت إلى ذي لبدتين أديب

أراد أن يدعو يانس المؤنسي، وهو من أجلّ أصحاب السيوف من غلمان مؤنس المظفر، واتفق أن حصل عند سيف الدولة، فقال يمك لمولاه سيف الدولة رحمه الله: كيف ألقاه؟ فقال: ضع طرف ذيلك تحت رجلك، وقم قياما تاما، إلا ما يخبؤه اغترار ذيلك من قامتك، وهذا طريف عجيب.

[[العودة إلى أصل الكرد]]

قال الوزير: حدّث الحسن بن عبد الصمد بن الحسين عن أبيه، عن


[١] كذا وردت العبارة في الأصل: (إلى اليتراج عن مرسي عزه) وبعض الحروف مهملة، ولم أهتد لمعناها الصحيح، ومجمل المعنى أنه لم ينل رضا سيف الدولة في مجلسه.
[٢] البيت من قصيدة للمتنبي يعزي فيها سيف الدولة عن غلامه يماك التركي، وقد مات بحلب سنة ٣٤٠ هـ، الديوان ١/٥١ شرح العكبري.

<<  <   >  >>